معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : وحسبوا ألا تكون فتنة ؛ تقرأ : " ألا تكون بالنصب " ؛ و " ألا تكون بالرفع " ؛ فمن قرأ بالرفع؛ فالمعنى : " أنه لا تكون فتنة " ؛ أي : " حسبوا فعلهم غير فاتن لهم " ؛ وذلك أنهم كانوا يقولون إنهم أبناء الله وأحباؤه؛ فعموا وصموا ؛ هذا مثل؛ تأويله أنهم لم يعملوا بما سمعوا؛ ولا بما رأوا من الآيات؛ فصاروا كالعمي الصم؛ ثم تاب الله عليهم؛ أي : أرسل إليهم محمدا - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم أن الله - جل وعز - قد تاب عليهم إن آمنوا وصدقوا؛ فلم يؤمنوا أكثرهم؛ فقال - عز وجل - : ثم عموا وصموا كثير منهم ؛ أي : بعد أن ازداد لهم الأمر وضوحا بالنبي - عليه السلام -؛ كثير منهم ؛ يرتفع من ثلاثة أوجه؛ أحدها أن تكون بدلا من الواو؛ كأنه لما قال : عموا وصموا ؛ أبدل الكثير منهم؛ أي : " عمي وصم كثير منهم " ؛ كما تقول : " جاءني قومك أكثرهم " ؛ وجائز أن يكون جمع الفعل مقدما؛ كما حكى أهل اللغة : " أكلوني [ ص: 196 ] البراغيث " ؛ والوجه أن يكون " كثير منهم " ؛ خبر ابتداء محذوف؛ المعنى : " ذوو العمى والصمم كثير منهم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية