معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور ؛ المعنى: اذكروا إذ أخذنا ميثاقكم؛ و " الطور " ؛ ههنا: الجبل؛ ومعنى " أخذنا ميثاقكم " : يجوز أن يكون ما أخذه الله - عز وجل - حين أخرج الناس كالذر؛ ودليل هذا قوله: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة ؛ ثم قال - من بعد تمام الآية -: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ؛ فهذه الآية كالآية التي في " البقرة " ؛ وهو أحسن المذاهب فيها؛ وقد قيل: إن أخذ الميثاق هو ما أخذ الله من الميثاق على الرسل؛ ومن اتبعهم؛ ودليله قوله - عز وجل -: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ؛ فالأخذ على النبيين - صلى الله عليهم وسلم - الميثاق يدخل [ ص: 148 ] فيه من اتبعهم؛ و " رفعنا فوقكم الطور " ؛ أي: جئناكم بآية عظيمة؛ وهي أن " الطور " ؛ وهو الجبل؛ رفع فوقهم؛ حتى أظلهم؛ وظنوا أنه واقع بهم؛ فأخبر الله بعظم الآية التي أروها بعد أخذ الميثاق؛ وأخبر بالشيء الذي لو عذبهم بعده لكان عدلا في ذلك؛ ولكنه جعل لهم التوبة بعد ذلك؛

التالي السابق


الخدمات العلمية