معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
ثم زاد في الاحتجاج والبيان؛ فقال - عز وجل - : قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض ؛ [ ص: 233 ] أي : خالق السماوات والأرض؛ فإن قال قائل : فقوله : إذا السماء انفطرت ؛ معناه : انشقت؛ فكيف يكون " الفطر " ؛ في معنى " الخلق " ؛ و " الانفطار " ؛ في معنى " الانشقاق " ; فإنهما يرجعان إلى شيء واحد؛ لأن معنى " فطرهما " : خلقهما خلقا قاطعا؛ و " الانفطار " ؛ و " الفطور " : تقطع وتشقق؛ وقوله : وهو يطعم ولا يطعم ؛ ويقرأ : " ولا يطعم " ؛ والاختيار عند البصراء بالعربية : " وهو يطعم ولا يطعم " ؛ بفتح الياء في الثاني؛ قالوا : معناه : " وهو يرزق؛ ويطعم؛ ولا يأكل؛ لأنه الحي الذي ليس كمثله شيء " ؛ ومن قرأ : " ولا يطعم " ؛ فالمعنى أنه المولى الذي يرزق؛ ولا يرزق؛ كما أن بعض العبيد يرزق مولاه؛ والاختيار في " فاطر " ؛ الجر؛ لأنه من صفة الله - جل وعز -؛ والرفع والنصب جائزان على المدح لله - جل وعز -؛ والثناء عليه؛ فمن رفع فعلى إضمار " هو " ؛ المعنى : " هو فاطر السماوات والأرض؛ وهو يطعم ولا يطعم " ؛ ومن نصب فعلى معنى " اذكر " ؛ وأعني بهذا الاحتجاج عليهم؛ لأن من فطر السماوات والأرض؛ وأنشأ ما فيهما؛ وأحكم تدبيرهما؛ وأطعم من فيهما؛ فهو الذي ليس كمثله شيء.

التالي السابق


الخدمات العلمية