معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : وكذلك نصرف الآيات ؛ أي : ومثل ما بينا نبين الآيات؛ وموضع الكاف نصب؛ التي في أول " كذلك " ؛ المعنى : " ونصرف الآيات في مثل ما صرفناهما فيما تلي عليك " ؛ وقوله : وليقولوا درست ؛ فيها خمسة أوجه؛ فالقراءة " درست " ؛ بفتح الدال؛ وفتح التاء؛ ومعناه : " وليقولوا : قرأت كتب أهل الكتاب " ؛ وتقرأ أيضا : " دارست " ؛ أي : " ذاكرت أهل [ ص: 280 ] الكتاب " ؛ وقال بعضهم : " وليقولوا درست " ؛ أي : هذه الأخبار التي تتلوها علينا قديمة قد درست؛ أي : قد مضت وامحت؛ وذكر الأخفش " درست " ؛ بضم الراء؛ ومعناها " درست " ؛ إلا أن " درست " ؛ بضم الراء أشد مبالغة؛ وحكي " درست " ؛ بكسر الراء؛ أي : قرئت؛ وقوله : ولنبينه لقوم يعلمون ؛ إن قال قائل : إنما صرفت الآيات ليقولوا درست؟ فالجواب في هذا أن السبب الذي أداهم إلى أن يقولوا : " درست " ؛ هو تلاوة الآيات؛ وهذه اللام يسميها أهل اللغة " لام الصيرورة " ؛ وهذا كقوله (تعالى) : فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ؛ فهم لم يلتقطوه يطلبون بأخذه أن يعاديهم؛ ولكن كانت عاقبة أمره أن صار لهم عدوا وحزنا؛ وكما تقول : " كتب فلان هذا الكتاب لحتفه " ؛ فهو لم يقصد بالكتاب أن يهلك نفسه؛ ولكن العاقبة كانت الهلاك.

التالي السابق


الخدمات العلمية