معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ؛ وكأنه إذا جعلوا لأصنامهم مما في بطون الأنعام شيئا جعلوه ما يكون ذكرا مولودا حيا؛ يأكله الذكران خاصة؛ ولا يجيزون أن يأكل النساء شيئا؛ فإن كان ذكرا ميتا اشترك فيه الرجال والنساء؛ وهو قوله - عز وجل - : وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء ؛ ثم قال : خالصة لذكورنا ؛ فهو على ضربين؛ أجودهما أن يكون أنث الخبر؛ وجعل معنى " ما " ؛ التأنيث؛ لأنها في معنى الجماعة؛ كأنهم قالوا : جماعة ما في بطون هذه الأنعام [ ص: 295 ] خالصة لذكورنا؛ ويرد " ومحرم " ؛ على لفظ " ما " ؛ وقال بعضهم : أنثه لتأنيث الأنعام؛ والذي في بطون الأنعام ليس بمنزلة بعض الشيء؛ لأن قولك : " سقطت بعض أصابعه " ؛ بعض أصابع : إصبع؛ وهي واحدة منها؛ والذي في بطون الأنعام : ما في بطن كل واحدة غيرها؛ ومن قال : يجوز على أن الجملة " أنعام " ؛ فكأنه قال : " وقالوا : الأنعام التي في بطون الأنعام خالصة لذكورنا " ؛ والقول الأول الذي شرحنا أبين؛ لقوله : " ومحرم " ؛ لأنه دليل على الحمل المعنى في " ما " ؛ على اللفظ.

وقرأ بعضهم : " خالصة لذكورنا " ؛ فهو عندي - والله أعلم - : " ما خلص حيا " ؛ ويجوز " وإن يكن ميتة " ؛ بالياء؛ والتاء؛ ونصب " ميتة " ؛ المعنى : " وإن تكن تلك الحمول التي في البطون ميتة " ؛ ومن قرأ : " وإن يكن " ؛ فعلى لفظ " ما " ؛ المعنى : " إن يكن ما في البطن ميتة " ؛ ويجوز " وإن تكن ميتة " ؛ بالتاء؛ ورفع الميتة؛ ويكون " تكن " ؛ بمعنى الحدوث؛ والوقوع؛ كأنه " وإن تقع ميتة " ؛ و " إن تحدث ميتة " ؛ وقوله : سيجزيهم وصفهم ؛ المعنى - والله أعلم - : سيجزيهم جزاء وصفهم الذي هو كذب.

التالي السابق


الخدمات العلمية