معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ؛ يعنى به الإبل؛ والنعام؛ لأن النعام ذوات ظفر؛ كالإبل؛ ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما ؛ فقال بعض الناس : " حرمت عليهم الثروب؛ وأحل لهم ما سواها مما حملت الظهور؛ أو الحوايا ؛ وهي المباعر؛ واحدها " حاوية " ؛ و " حاوياء " ؛ وحوية " ؛ أو ما اختلط بعظم ؛ نحو شحم الألية؛ وهذا أكثر القولين؛ وقال قوم : حرمت عليهم الثروب؛ وأحل لهم ما حملت الظهور؛ وصارت الحوايا أو ما اختلط بعظم؛ إلا ما حملت الظهور؛ فإنه غير محرم؛ و " أو " ؛ دخلت على طريق الإباحة؛ كما قال - جل وعز - : [ ص: 302 ] ولا تطع منهم آثما أو كفورا ؛ فالمعنى : " كل هؤلاء أهل أن يعصى؛ فاعص هذا؛ واعص هذا " ؛ و " أو " ؛ بليغة في هذا المعنى؛ لأنك إذا قلت : " لا تطع زيدا وعمرا " ؛ فجائز أن تكون نهيتني عن طاعتهما معا؛ في حال إن أطعت زيدا على حدته لم أكن عصيتك؛ وإذا قلت : " لا تطع زيدا أو عمرا أو خالدا " ؛ فالمعنى أن هؤلاء كلهم أهل ألا يطاع؛ فلا تطع واحدا منهم؛ ولا تطع الجماعة؛ ومثله " جالس الحسن أو ابن سيرين أو الشعبي " ؛ فليس المعنى أني آمرك بمجالسة واحد منهم؛ ولكن معنى " أو " ؛ الإباحة؛ المعنى : كلهم أهل أن يجالس؛ فإن جالست واحدا منهم فأنت مصيب؛ وإن جالست الجماعة فأنت مصيب.

التالي السابق


الخدمات العلمية