معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل - : سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ؛ زعم سيبويه أن العطف بالظاهر على المضمر المرفوع قبيح؛ يستقبح " قمت وزيد " ؛ و " قام وزيد " ؛ فإن جاءت " لا " ؛ حسن الكلام؛ فقلت : " لا قمت ولا زيد " ؛ كما أنه إذا أكد؛ فقال : " قمت أنت وزيد " ؛ حسن؛ وهو جائز في الشعر؛ فأما معنى الآية؛ فإن الله - جل ثناؤه - أخبر عنهم بما سيقولونه؛ وقولهم : لو شاء الله ما أشركنا ؛ جعلوا هذا القول حجة في إقامتهم على شركهم؛ فأعلم الله - عز وجل - أن كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا ؛ والحجة عليهم في هذا أنهم إذا اعتقدوا أن كل من كان على شيء؛ والأشياء تجري بمشيئة الله (تعالى) ؛ فهو على صواب؛ فلا معنى إذن - على قولهم - للرسالة؛ والأنبياء؛ فيقال لهم : فالذين على دين يخالفكم؛ أليس هو على ما شاء الله؟ فينبغي ألا تقولوا : إنهم ضالون؛ وهو - عز وجل - يفعل ما يشاء؛ [ ص: 303 ] وهو قادر على أن يهدي الخلق أجمعين؛ وليس للعباد على الله أن يفعل بهم كل ما يقدر عليه؛ فقال - عز وجل - : قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ؛ فحجته البالغة تبيينه أنه الواحد؛ وإرساله الأنبياء بالحجج التي يعجز عنها المخلوقون.

التالي السابق


الخدمات العلمية