معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء ؛ قال بعضهم : هذه نزلت قبل الحرب؛ أي : ليس عليك قتالهم؛ إنما أمرهم إلى الله؛ ومعنى " وكانوا شيعا " : أي : كانوا متفرقين في دينهم؛ يعنى به اليهود والنصارى؛ لأن النصارى بعضها يكفر بعضا؛ وكذلك اليهود؛ وهم أيضا أهل التوراة؛ وبعضهم يكفر بعضا؛ أعني اليهود تكفر النصارى؛ والنصارى تكفر اليهود؛ وفي هذه الآية حث على أن تكون كلمة المسلمين واحدة؛ وألا يتفرقوا في الدين؛ وألا يبتدعوا البدع ما استطاعوا؛ فقوله : لست منهم في شيء ؛ يدل على أن من فرق دينه من أهل ملة الإسلام؛ وابتدع البدع؛ فقد صار به منهم؛ ومعنى " شيعت " ؛ في اللغة : اتبعت؛ والعرب تقول : " شاعكم السلم " ؛ و " أشاعكم [ ص: 309 ] السلم " ؛ ومعناه : " تبعكم السلم " ؛ قال الشاعر :


ألا يا نخلة من ذات عرق ... برود الظل شايعك الظلام



وتقول : " آتيك غدا؛ أو شيعه " ؛ أي : أو اليوم الذي يتبعه؛ فمعنى " الشيعة " : الذين يتبع بعضهم بعضا؛ ومعنى " الشيع " : الفرق التي كل فرقة منهم يتبع بعضهم بعضا؛ وليس كلهم متفقين.

التالي السابق


الخدمات العلمية