معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : اتبعوا ما أنـزل إليكم من ربكم ؛ أي : اتبعوا القرآن؛ وما أتي به عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه مما أنزل عليه؛ لقوله - جل وعز - : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا

ولا تتبعوا من دونه أولياء ؛ أي : لا تتولوا من عدل عن دين الحق؛ ومن ارتضى مذهبا من المذاهب؛ فالمؤمن ولي المؤمن؛ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض وقوله - عز وجل - : قليلا ما تذكرون ؛ " ما " ؛ زائدة مؤكدة؛ المعنى : " قليلا تذكرون " ؛ وفي " تذكرون " ؛ وجهان في القراءة : " قليلا ما تذكرون " ؛ بالتشديد في الذال؛ والمعنى : " قليلا ما تتذكرون " ؛ إلا أن التاء تدغم في الذال؛ لقرب مكان هذه من مكان هذه؛ ومن قرأ : " تذكرون " ؛ فالأصل - أيضا - " تتذكرون " ؛ إلا أنه حذف إحدى التاءين؛ وهي التاء الثانية؛ لأنهما زائدتان؛ إلا أن الأولى تدل على معنى الاستقبال فلا يجوز حذفها؛ والثانية إنما دخلت على معنى " فعلت الشيء على تمهل " ؛ نحو : " تفهمت " ؛ و " تعلمت " ؛ أي : " أحدثت الشيء على مهل " ؛ وتدخل على [ ص: 317 ] معنى إظهار الشيء؛ والحقيقة غيره؛ كقولك : " تقيست " ؛ أي : أظهرت أني قيسي؛ فإنما المحذوف من " تتفعلون " الثانية؛ لأن الباقي في الكلمة من تشديد العين من " تفعل " ؛ يدل على معنى الكلمة؛ ولو حذفت تاء استقبال؛ لبطل معنى الاستقبال.

التالي السابق


الخدمات العلمية