معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
[ ص: 323 ] ومثل " ألا " ؛ في قوله : ألا تسجد ؛ قوله : لئلا يعلم أهل الكتاب ؛ أي : " لأن يعلم أهل الكتاب " ؛ وقول الشاعر :


أبى جوده " لا " البخل واستعجلت به ... " نعم " من فتى لا يمنع الجود قاتله



قالوا : معناه : " أبى جوده البخل " ؛ وقال أبو عمرو بن العلاء : الرواية : " أبى جوده البخل واستعجلت به نعم " ؛ والذي قاله أبو عمرو حسن؛ المعنى : " أبى جوده " لا " ؛ التي تبخل الإنسان؛ كأنه إذا قيل : " لا تسرف؛ ولا تبذر مالك " ؛ أبى جوده " لا " ؛ هذه؛ واستعجلت به " نعم " ؛ فقال : " نعم؛ أفعل؛ ولا أترك الجود " ؛ وهذان القولان في البيت هما قولا العلماء؛ وأرى فيه وجها آخر؛ وهو عندي حسن؛ أرى أن تكون " لا " ؛ غير لغو؛ وأن يكون " البخل " ؛ منصوبا بدلا من " لا " ؛ المعنى : " أبى جوده البخل واستعجلت به نعم " .

وموضع " ما " ؛ في قوله : ما منعك ألا تسجد رفع؛ المعنى : " أي شيء منعك في السجود؟ " ؛ فلم يقل : منعني كذا وكذا؛ فأتى بالشيء في معنى الجواب؛ ولفظه غير جواب؛ لأن قوله : أنا خير منه ؛ في معنى " منعني من السجود فضلي عليه " ؛ ومثل هذا في الجواب أن يقول الرجل : " كيف كنت؟ " ؛ فيقول : " أنا صالح " ؛ وإنما الجواب : " كنت صالحا " ؛ ولكن المعنى أنه قد أجابه بما احتاج إليه؛ وزاده أنه في حال مسألته إياه صالح؛ فقال الله - عز وجل - : [ ص: 324 ] فاخرج إنك من الصاغرين ؛ فأعلمه الله أنه صاغر بهذا الفعل.

التالي السابق


الخدمات العلمية