معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ؛ " حيث " ؛ في موضع جر؛ إلا أنها بنيت على الضم؛ وأصلها أن تكون موقوفة؛ لأنها ليست لمكان بعينه؛ وأن ما بعدها صلة لها؛ ليست بمضافة إليه؛ ومن العرب من يقول : " ومن حيث خرجت " ؛ فيفتح لالتقاء الساكنين؛ ومنهم من يقول : " من حوث خرجت " ؛ ولا تقرأ بهاتين اللغتين؛ لأنهما لم يقرأ بواحدة منهما؛ ولا هما في جودة " حيث " ؛ المبنية على الضم؛ وقوله : إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون ؛ " جعلنا " ؛ في اللغة؛ على ضروب؛ منها " جعلت بعض الشيء فوق بعض " ؛ أي : " عملته؛ وهيأته على هذه الصيغة " ؛ ومنها " جعل زيد فلانا عاقلا " ؛ تأويله : سماه " عاقلا " ؛ ومنها " جعل يقول كذا وكذا " ؛ تأويله أنه أخذ في القول؛ فأما معنى الآية فعلى ضربين - والله أعلم -؛ أحدهما أن يكون الكفار عوقبوا بأن سلطت عليهم الشياطين تزيدهم في غيهم عقوبة على كفرهم؛ كما قال - عز وجل - : ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ؛ [ ص: 330 ] أي : تحملهم على المعاصي حملا شديدا؛ تزجهم في شدة الغي؛ ويجوز " إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون " : أي : سوينا بين الشياطين والكافرين في الذهاب عن الله؛ كما قال : المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض

التالي السابق


الخدمات العلمية