معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : كلما دخلت أمة لعنت أختها ؛ لأنهم ضل بعضهم باتباع بعض؛ حتى إذا اداركوا فيها جميعا ؛ أي : " تداركوا " ؛ وأدغمت التاء في الدال؛ فإذا وقفت على قوله : " حتى إذا " ؛ لم تبتدئ حتى تأتي بألف الوصل؛ فتقول : " اداركوا " ؛ فتأتي بألف الوصل لسكون الدال فيها؛ ومعنى " تداركوا " : اجتمعوا؛ وقوله : " جميعا " ؛ منصوب على الحال؛ المعنى : " حتى إذا تداركوا فيها مجتمعين " ؛ قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا ؛ أي : قالت أخراهم : دعتهم أولاهم؛ فاتبع الآخر الأول؛ فأعلم التابعون أن المتبوعين أضلوهم بأن دعوهم إلى الضلال؛ والمعنى : " قالت أخراهم يا ربنا هؤلاء أضلونا؛ لأولاهم " ؛ تعني أولاهم؛ وقوله : فآتهم عذابا ضعفا من النار ؛ [ ص: 337 ] أي : عذابا مضاعفا؛ لأن الضعف في كلام العرب على ضربين؛ أحدهما : " المثل " ؛ والآخر أن يكون في معنى تضعيف الشيء؛ قال لكل ضعف ؛ أي : للتابع؛ والمتبوع؛ لأنهم قد دخلوا في الكفر جميعا؛ أي : " لكل عذاب مضاعف " ؛ فمن قرأ : ولكن لا تعلمون ؛ بالتاء؛ أي : " ولكن لا تعلمون أيها المخاطبون ما لكل فريق منكم من العذاب " ؛ ومن قرأ : " ولكن لا يعلمون " ؛ بالياء؛ أي : " ولكن لا يعلم كل فريق مقدار عذاب الفريق الآخر " ؛ ويجوز - والله أعلم - : " ولكن لا تعلمون يا أهل الدنيا مقدار ذلك " .

التالي السابق


الخدمات العلمية