معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
قوله : ونـزعنا ما في صدورهم من غل ؛ قال بعضهم : ذهبت الأحقاد التي كانت في قلوبهم؛ وحقيقته - والله أعلم - أنه لا يحسد بعض أهل الجنة بعضا في علو الرتبة؛ لأن الحسد غل. وقوله (تعالى) : تجري من تحتهم الأنهار ؛ في معنى الحال؛ المعنى : " ونزعنا ما في صدورهم من غل في هذه الحال " ؛ ويجوز أن يكون " تجري " ؛ إخبارا عن صفة حالهم؛ فيكون " تجري " ؛ مستأنفا؛ ومعنى هدانا لهذا أي : " هدانا لما صيرنا إلى هذا " ؛ يقال : " هديت الرجل هداية؛ وهدى؛ وهديا " ؛ و " أهديت الهدية؛ فهي مهداة " ؛ و " أهديت العروس إلى زوجها؛ وهديتها " ؛ وقوله - جل وعز - : ونودوا أن تلكم الجنة ؛ [ ص: 340 ] في موضع نصب؛ وههنا الهاء مضمرة؛ وهي مخففة من الثقيلة؛ والمعنى : " نودوا بأنه تلكم الجنة " ؛ والأجود - عندي - أن تكون " أن " ؛ في موضع تفسير النداء؛ كأن المعنى : " ونودوا أن تلكم الجنة " ؛ أي : " قيل لهم : تلكم الجنة " ؛ وإنما قال : " تلكم " ؛ لأنهم وعدوا بها في الدنيا؛ فكأنه قيل : " هذه تلكم التي وعدتم بها " ؛ وجائز أن يكون عاينوها؛ فقيل لهم من قبل دخولها؛ إشارة إلى ما يرونه : " تلكم الجنة " ؛ كما تقول لما تراه : " ذلك الرجل أخوك " ؛ ولو قلت : " هذا الرجل " ؛ لأنه يراك؛ جاز؛ لأن " هذا " ؛ و " هؤلاء " ؛ لما قرب منك؛ و " ذاك " ؛ و " تلك " ؛ لما بعد عنك؛ رأيته أو لم تره.

التالي السابق


الخدمات العلمية