معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: وقالوا قلوبنا غلف ؛ تقرأ على وجهين: " غلف " ؛ و " غلف " ؛ وأجود القراءتين " غلف " ؛ بإسكان اللام؛ لأن له شاهدا من القرآن؛ ومعنى " غلف " : ذوات غلف؛ الواحد منها: " أغلف " ؛ و " غلف " ؛ مثل " أحمر " ؛ و " حمر " ؛ فكأنهم قالوا: " قلوبنا في أوعية " ؛ والدليل على ذلك قوله: وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب ؛ ومن قرأ: " غلف " ؛ فهو جمع " غلاف " ؛ و " غلف " ؛ مثل: " مثال " ؛ و " مثل " ؛ و " حمار " ؛ و " حمر " ؛ فيكون معنى هذا: " إن قلوبنا أوعية للعلم " ؛ والأول أشبه؛ ويجوز أن تسكن " غلف " ؛ فيقال: " غلف " ؛ كما يقال في جمع " مثال " : " مثل " ؛ فأعلم الله - عز وجل - أن الأمر على خلاف ما قالوا؛ فقال: بل لعنهم الله بكفرهم ؛ معنى " لعنهم " ؛ في اللغة: أبعدهم؛ فالتأويل - والله أعلم -: بل طبع الله على قلوبهم؛ كما قال: ختم الله على قلوبهم ؛ ثم أخبر - عز وجل - أن ذلك مجازاة منه لهم على كفرهم؛ فقال: " بل لعنهم الله بكفرهم " ؛ و " اللعن " ؛ كما وصفنا: الإبعاد؛ قال الشماخ :


وماء قد وردت لوصل أروى ... عليه الطير كالورق اللجين

[ ص: 170 ]     ذعرت به القطا ونفيت عنه
... مقام الذئب كالرجل اللعين



التالي السابق


الخدمات العلمية