معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس ؛ قيل لهم هذا لأنهم قالوا: " لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى " ؛ وقالوا: " نحن أبناء الله وأحباؤه " ؛ فقيل لهم: إن كنتم عند أنفسكم صادقين فيما تدعون؛ فتمنوا الموت؛ فإن من كان لا يشك في أنه صائر إلى الجنة؛ فالجنة عنده آثر من الدنيا؛ فإن كنتم صادقين فتمنوا الأثرة؛ والفضل.

وللنبي - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين في هذه الآية أعظم حجة؛ وأظهر آية؛ وأدلة على الإسلام؛ وعلى صحة تثبيت رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه قال لهم: " تمنوا الموت " ؛ وأعلمهم أنهم لن يتمنوه أبدا؛ فلم يتمنه منهم واحد؛ لأنهم لو تمنوه لماتوا من [ ص: 177 ] ساعتهم؛ فالدليل على علمهم بأن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حق أنهم كفوا عن التمني؛ ولم يقدم واحد منهم عليه؛ فيكون إقدامه دفعا لقوله: " ولن يتمنوه أبدا " ؛ أو يعيش بعد التمني؛ فيكون قد رد ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فالحمد لله الذي أوضح الحق؛ وبينه؛ وقمع الباطل وأزهقه.

التالي السابق


الخدمات العلمية