معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم ؛ يعني: ما قدمت من كفرهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم كفروا وهم يعلمون أنه حق؛ وأنهم إن تمنوه ماتوا؛ ودليل ذلك إمساكهم عن تمنيه. وقوله - عز وجل -: والله عليم بالظالمين ؛ الله - عز وجل - عليم بالظالمين؛ وغير الظالمين؛ وإنما الفائدة ههنا أنه عليم بمجازاتهم؛ وهذا جرى في كلام الناس المستعمل بينهم؛ إذا أقبل الرجل على رجل قد أتى إليه منكرا؛ قال: " أنا أعرفك " ؛ و " أنا بصير بك " ؛ تأويله: أنا أعلم ما أعاملك به؛ وأستعمله معك؛ فالمعنى: إنه عليم بهم؛ وبصير بما يعملون؛ أي: يجازيهم عليه بالقتل في الدنيا؛ أو بالذلة؛ والمسكنة؛ وأداء الجزية؛ ونصب " لن " ؛ كما تنصب " أن " ؛ وقد شرحنا نصبها فيما مضى؛ وذكرنا ما قاله النحويون فيه؛ ونصب " أبدا " ؛ لأنه ظرف من الزمان؛ المعنى: لن يتمنوه في طول عمرهم إلى موتهم؛ وكذلك قولك: " لا أكلمك أبدا " ؛ المعنى: " لا أكلمك ما عشت " ؛ ومعنى " بما قدمت أيديهم " : أي: " بما تقدمه أيديهم " ؛ ويصلح أن يكون: " بالذي قدمته أيديهم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية