معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ؛ ويقرأ؛ " ولكن الله قتلهم " ؛ فمن شدد؛ نصب لنصب " لكن " ؛ ومن خفف؛ أبطل عملها؛ ورفع قوله : " الله " ؛ بالابتداء؛ أضاف الله قتلهم إليه؛ لأنه هو الذي تولى نصرهم؛ وأظهر في ذلك الآيات المعجزات.

وقوله - عز وجل - : وما رميت إذ رميت ؛ ليس هذا نفي رمي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن العرب خوطبت بما تعقل؛ ويروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر الصديق : " ناولني كفا من بطحاء " ؛ فناوله كفا؛ فرمى بها؛ فلم يبق منهم أحد - أعني من العدو - إلا شغل بعينه؛ فأعلم الله - جل وعز - أن كفا من تراب؛ أو حصى؛ لا يملأ عيون ذلك الجيش الكثير [ ص: 407 ] برمية بشر؛ وأنه - عز وجل - تولى إيصال ذلك إلى أبصارهم؛ فقال - عز وجل - : وما رميت إذ رميت ؛ أي : لم يصب رميك ذاك؛ ويبلغ ذلك المبلغ بك؛ إنما الله - عز وجل - تولى ذلك؛ فهذا مجاز " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " . وقوله - جل وعز - : وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا ؛ أي : لينصرهم نصرا جميلا؛ ويختبرهم بالتي هي أحسن؛ ومعنى " يبليهم " ؛ ههنا : يسدي إليهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية