معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - جل وعز - : " ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين " ؛ بتشديد الهاء؛ والنصب في " كيد " ؛ ويجوز الجر في " كيد " ؛ وإضافة " موهن " ؛ إليه؛ ففيه أربعة أوجه؛ في النصب وجهان؛ وفي الجر وجهان؛ وموضع " ذلكم " : رفع؛ المعنى : " الأمر ذلكم وأن الله... " ؛ و " الأمر أن الله موهن " ؛ وقوله : ذلكم فذوقوه ؛ موضع " ذلكم " : رفع على إضمار " الأمر " ؛ المعنى : " الأمر ذلكم فذوقوه " ؛ فمن قال : إنه يرفع " ذلكم " ؛ بما عاد عليه من الهاء؛ أو بالابتداء؛ وجعل الخبر " فذوقوه " ؛ فقد أخطأ من قبل أن ما بعد الفاء لا يكون خبرا لمبتدإ؛ لا يجوز " زيد فمنطلق " ؛ ولا " زيد فاضربه " ؛ إلا أن تضمر " هذا " ؛ تريد " هذا زيد فاضربه " ؛ قال الشاعر :


وقائلة خولان فانكح فتاتهم ... وأكرومة الحيين خلو كما هيا



[ ص: 408 ] وذكر بعضهم أن تكون في موضع نصب؛ على إضمار " واعلموا أن للكافرين عذاب النار " ؛ ويلزم على هذا أن يقال : " زيد منطلق وعمرا قائما " ؛ على معنى : " واعلم عمرا قائما " ؛ بل يلزمه أن يقول : " عمرا منطلقا " ؛ لأن المخبر معلم؛ ولكنه لم يجز إضمار " اعلم " ؛ ههنا؛ لأن كل كلام يخبر به؛ أو يستخبر فيه؛ فأنت معلم به؛ فاستغني عن إظهار العلم؛ أو إضماره؛ وهذا القول لم يقله أحد من النحويين.

التالي السابق


الخدمات العلمية