معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون ؛ معناها : " لا يحسبن من أفلت من هذه الحرب قد سبق إلى الحياة " ؛ والقراءة الجيدة : " ولا تحسبن " ؛ بالتاء؛ على مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وتكون " تحسبن " ؛ عاملة في " الذين " ؛ ويكون " سبقوا " ؛ الخبر؛ ويجوز فتح السين؛ وكسرها؛ وقد قرأ بعض القراء : " ولا يحسبن الذين كفروا " ؛ بالياء؛ ووجهها ضعيف عند أهل العربية؛ إلا أنها جائزة؛ على أن يكون المعنى : " ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا " ؛ لأنها في حرف ابن مسعود : " إنهم سبقوا " ؛ فإذا كانت كذلك فهو بمنزلة قولك : " حسبت أن أقوم " ؛ و " حسبت أقوم " ؛ على حذف " أن " ؛ وتكون " أقوم " ؛ و " قام " ؛ تنوب عن الاسم؛ والخبر؛ كما أنك إذا قلت : " ظننت لزيد خير منك " ؛ فقد نابت الجملة عن اسم الظن؛ وخبره؛ وفيها وجه آخر : " ولا يحسبن قبيل المؤمنين الذين كفروا سبقوا " . [ ص: 422 ] ويجوز فيها أوجه لم يقرأ بها : يجوز " ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا " ؛ و " ولا يحسبن الذين كفروا " ؛ أي : " لا يحسب المؤمنون الذين كفروا سبقوا " ؛ ولكن القراءة سنة؛ لا يقرأ إلا بما قرأت به القراء؛ ويجوز : " إنهم " ؛ بكسر " إن " ؛ ويجوز " أنهم " ؛ فيكون المعنى : " ولا يحسبن الذين كفروا أنهم يعجزون " ؛ ويكون " أن " ؛ بدلا من " سبقوا " ؛ قال أبو إسحاق : هذا الوجه ضعيف؛ لأن " لا " ؛ لا تكون لغوا في موضع يجوز أن تقع فيه غير لغو؛ وقوله : " يعجزون " ؛ فتح النون الاختيار؛ ويجوز كسرها على أن يكون المعنى : " إنهم لا يعجزونني " ؛ بحذف النون الأولى لاجتماع النونين؛ قال الشاعر :


رأته كالنعام يعل مسكا ... يسوء الفاليات إذا فليني



يريد : " فلينني " .

التالي السابق


الخدمات العلمية