معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ؛ المعنى : إن طلب منك أحد منهم أن تجيره من القتل إلى أن يسمع كلام الله فأجره؛ حتى يسمع كلام الله؛ ثم أبلغه مأمنه؛ ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ؛ أي : " الأمر ذلك " ؛ أي : " وجب أن يعرفوا؛ وأن يجازوا بجهلهم؛ وبما يتبينون الإسلام؛ وأما الإعراب في " أحد " ؛ مع " إن " ؛ فالرفع بفعل مضمر؛ الذي ظهر يفسره؛ المعنى : " وإن استجارك أحد " ؛ ومن زعم أنه يرفع " أحد " ؛ بالابتداء فخطأ؛ لأن الجزاء لا يتخطى ما يرفع بالابتداء؛ ويعمل فيما بعده. [ ص: 432 ] فلو أظهرت المستقبل لقلت : " إن أحد يقم أكرمه " ؛ ولا يجوز " إن يقم أحد زيد يقم " ؛ لا يجوز أن ترفع زيدا بفعل مضمر؛ الذي ظهر يفسره؛ ويجزم؛ وإنما جاز في " إن " ؛ لأن " إن " ؛ يلزمها الفعل؛ وجواب الجزاء يكون بالفعل؛ وغيره؛ ولا يجوز أن تضمر؛ وتجزم بعد المبتدإ؛ لأنك تقول ههنا : " إن تأتني فزيد يقوم " ؛ فالموضع موضع ابتداء؛ وإنما يجوز الفصل في باب " إن " ؛ لأن " إن " ؛ أم الجزاء؛ ولا تزول عنه إلى غيره؛ فأما أخواتها فلا يجوز ذلك فيها؛ إلا في الشعر؛ قال عدي بن زيد :


فمتى واغل يزرهم يحبو ... ه وتعطف عليه كأس الساقي

التالي السابق


الخدمات العلمية