صفحة جزء
147- وقال: (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو)

[ ص: 185 ] إذا جعلت: (ماذا) بمنزلة (ما). وإن جعلت: (ماذا) بمنزلة "الذي" قلت: (قل العفو) والأولى منصوبة وهذه مرفوعة كأنه قال: (ما الذي ينفقون) فقال: "الذي ينفقون العفو". وإذا نصبت فكأنه قال: "ما ينفقون؟" فقال: "ينفقون العفو" لأن: (ما) إذا لم تجعل بمنزلة "الذي" فـ "العفو" منصوب بـ "ينفقون".

وإن جعل بمنزلة "الذي" فهو مرفوع بخبر الابتداء كما قال: (ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين) جعل: (ماذا) بمنزلة "الذي" وقال: (ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا) جعل: (ماذا) بمنزلة "ما". وقد تكون إذا جعلها بمنزلة "ما" وحدها الرفع على المعنى. لأنه لو قيل له: "ما صنعت"؟ فقال: "خير"، أي: الذي صنعت خير، لم يكن به بأس. ولو نصبت إذا جعلت "ذا" بمنزلة "الذي" كان أيضا جيدا لأنه لو قيل لك: "ما الذي صنعت" فقلت: "خيرا" أي: صنعت خيرا. كان صوابا. قال الشاعر:


(150) دعي ماذا علمت سأتقيه ولكن بالمغيب نبئيني

جعل "ما" و"ذا" بمنزلة "ما" وحدها، ولا يجوز أن يكون "ذا" بمنزلة

[ ص: 186 ] "الذي" في هذا البيت لأنك لو قلت: "دعي ما الذي علمت" لم يكن كلاما. وقال أهل التأويل في قوله: (ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين) لأن الكفار جحدوا أن يكون ربهم أنزل شيئا فقالوا لهم: "ما تقولون أنتم: أساطير الأولين" أي: "الذي تقولون أنتم أساطير الأولين" ليس على: "أنزل ربنا أساطير الأولين". وهذا المعنى فيما نرى والله أعلم - كما قال: (وإن تخالطوهم فإخوانكم) [220] أي: فهم إخوانكم.

التالي السابق


الخدمات العلمية