صفحة جزء
289- وقال: (ولا تتمنوا) إن شئت أدغمت التاء الأولى في الآخرة، فإن قيل: كيف يجوز إدغامها، وأنت إذا أدغمتها سكنت وقبلها "الألف" الساكنة التي في "لا" فتجمع ما بين ساكنين؟ قلت: "إن هذه "الألف" حرف لين". وقد يدغم بعد مثلها في الاتصال وفي غيره نحو: "يضرباني" [و]: (فلا تناجوا بالإثم والعدوان) وتدغم أيضا ومثله: (قل أتحاجونا في الله) أدغمت وقبلها واو ساكنة. وإن شئت لم تدغم هذا كله. وقد قرأ بعض القراء: (فبم تبشرون) أراد: (تبشرونني) فأذهب إحدى النونين استثقالا لاجتماعهما، كما قال: "ما أحسست منهم أحدا" فألقوا إحدى السينين استثقالا. فهذا أجدر أن يستثقل لأنهما جميعا متحركتان. قال الشاعر: [ عمرو بن معد يكرب ]:


(182) تراه كالثغام يعل مسكا يسوء الفاليات إذا فليني

فحذف النون الآخرة لأنها النون التي تزاد ليترك ما قبلها على حاله؛

[ ص: 255 ] وليست باسم. فأما الأولى فلا يجوز طرحها فإنها الاسم المضمر وقال أبو حية النميري :


(183) أبالموت الذي لا بد أني     ملاق - لا أباك - تخوفيني

فحذف النون. ولو قرئت: (فبم تبشرون) بتثقيل النون كان جيدا ولم أسمعه، كأن النون أدغمت وحذفت الياء كما تحذف من رءوس الآي نحو: (بل لما يذوقوا عذاب) يريد "عذابي". وأما قوله: (فظلتم تفكهون) فإنها إنما كسر أولها لأنه يقول: "ظللت" فلما ذهب أحد الحرفين استثقالا حولت حركته على الظاء. قال أوس بن مغراء :


(184) مسنا السماء فنلناها وطاء لهم     حتى رأوا أحدا يهوي وثهلانا

لأنها من "مسست" وقال بعضهم: (فظلتم) ترك الظاء على فتحتها وحذف إحدى اللامين، ومن قال هذا قال "مسنا السماء". وهذا الحرف ليس بمطرد، وإنما حذف من هذه الحروف التي ذكرت لك خاصة ولا يحذف

[ ص: 256 ] إلا في موضع لا تحرك فيه لام الفعل، فأما الموضع الذي تحرك فيه لام الفعل فلا حذف فيه.

التالي السابق


الخدمات العلمية