صفحة جزء
100- وقال: (إلا من سفه نفسه) فزعم أهل التأويل أنه في معنى: "سفه نفسه" وقال يونس : "أراها لغة". ويجوز في هذا القول: "سفهت زيدا"، وهو يشبه "غبن رأيه" و"خسر نفسه" إلا أن هذا كثير، ولهذا معنى ليس لذاك. تقول: "غبن في رأيه" و"خسر في أهله" و"خسر في بيعه". وقد جاء لهذا نظير، قال: "ضرب عبد الله الظهر والبطن" ومعناه: على الظهر والبطن" كما قالوا: "دخلت البيت" وإنما هو "دخلت في البيت". وقوله: "توجه مكة والكوفة" وإنما هو: إلى مكة وإلى الكوفة. ومما يشبه هذا قول الشاعر: [رجل من قيس ]:


(135) نغالي اللحم للأضياف نيا ونبذله إذا نضج القدور

يريد: نغالي باللحم. ومثل هذا: (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) يقول: "لأولادكم" [و]: (ولا تعزموا عقدة النكاح) أي: على عقدة النكاح. وأحسن ذلك أن تقول: "إن سفه نفسه" جرت مجرى "سفه" إذ كان الفعل غير متعد، وإنما عداه إلى "نفسه" و"رأيه" وأشباه ذا

[ ص: 158 ] مما هو في المعنى نحو: "سفه" إذا لم يتعد. وأما "غبن" و"خسر" فقد يتعدى إلى غيره تقول: "غبن خمسين" و"خسر خمسين".

وقال: (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني) فهو - والله أعلم - "وقال يعقوب يا بني" لأنه حين قال: (ووصى بها) قد أخبر أنه قال لهم شيئا فأجرى الأخير على معنى الأول وإن شئت قلت: (ويعقوب) معطوف كأنك قلت: "ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب" ثم فسر ما قال يعقوب ، قال: "يا بني".

التالي السابق


الخدمات العلمية