صفحة جزء
الوجه الثامن عشر من وجوه إعجازه (ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات) وما لم يكن وما لم يقع فوجد كما ورد على الوجه الذي أخبر، كقوله: لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين . وقوله: وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين . وقوله: ليظهره على الدين كله . وقوله: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات . وقوله: إذا جاء نصر الله والفتح . الخ، فكان جميع هذا كما قال، فغلبت الروم فارس في بضع سنين، ودخل الناس في الإسلام أفواجا، فما مات عليه السلام وفي بلاد العرب كلها موضع لم يدخله [ ص: 181 ] الإسلام، واستخلف المؤمنين في الأرض، ومكن لهم فيها دينهم، وملكهم إياها من أقصى المشارق إلى أقصى المغارب، كما قال عليه السلام: زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي منها ما زوي لي منها. وقوله: قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم . وقوله: أرسل رسوله بالهدى . وقوله: لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار . فكان كل ذلك. وما فيه من كشف أسرار المنافقين واليهود ومقالهم وكذبهم في حلفهم وتقريعهم بذلك، كقوله: ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول . وقوله: يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك . وقوله: إنا كفيناك المستهزئين . ولما نزلت بشر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بأن الله كفاهم إياهم، وكان المستهزئون ينفرون الناس عنه ويؤذونه، فهلكوا. وقوله: والله يعصمك من الناس ، فكان كذلك على كثرة من رام ضره وقصد قتله، والأخبار بذلك معروفة معلومة.

التالي السابق


الخدمات العلمية