صفحة جزء
وحمل لحاجة أو فقر بلا تجر ، وإبدال ثوبه [ ص: 309 ] أو بيعه ، بخلاف غسله ، إلا لنجس فبالماء فقط ، وبط جرحه ، وحك ما خفي [ ص: 310 ] برفق ، وفصد إن لم يعصبه ، وشد منطقة لنفقته على جلده ، وإضافة نفقة غيره ، وإلا ففدية : كعصب جرحه أو رأسه ، [ ص: 311 ] أو لصق خرقة : كدرهم أو لفها على ذكر ، أو قطنة بأذنيه ، أو قرطاس بصدغيه ، أو ترك ذي نفقة ذهب ; أو ردها له .


( و ) جاز لمحرم ( حمل ) لخرجه أو جرابه على رأسه أو وقره الذي فيه متاعه على ظهره مشدودا حبله على صدره بكسر الواو المحمل ( لحاجة ) أي احتياج للحمل ولو غنيا حيث لم يجد من يستأجره ، أو وجده ولم يجد أجرة ( أو فقر ) يحمل لنفسه بسببه حزمة حطب مثلا يتمعش بثمنها أو لغيره بأجرة لعيشه ( بلا تجر ) ولا يجوز لحمله لغيره لغير عيشه ولو تطوعا ولا غني لنفسه بخلا بأجرته ، فإن حمل افتدى . أشهب ما لم يكن تجره لعيشه كالعطار المصنف في منسكه الظاهر أنه تقييد وكلام ابن بشير يفيد أنه خلاف .

( و ) جاز ( إبدال ) جنس ( ثوبه ) أي المحرم الذي أحرم فيه من إزار ورداء ولو تعدد أو نوى بذلك طرح الدواب التي فيه إذ لا يجب عليه شعوثة لباسه ; لأن الإمام [ ص: 309 ] مالكا " رضي الله عنه " رأى نزع ثوبه بقمله بمثابة من ارتحل من بيت وأبقاه ببقه حتى مات حتف أنفه . وأما نقل الدواب إلى الثوب الذي يريد طرحه من جسده أو ثوبه الذي عليه فهو كطرحها ( أو بيعه ) أي ثوب المحرم ولو لإذاية قمله على المشهور عند مالك وابن القاسم رضي الله تعالى عنهما .

وقال سحنون إنه كطرد الصيد من المحرم ، وفرق بأن طرد الصيد إخراج لغير مأمن ، والقمل يجوز قتله لغير المحرم قبل البيع وبعده . مالك " رضي الله عنه " لا بأس أن ينقل القملة من مكان من بدنه أو ثوبه إلى مكان آخر منه وإن سقطت من رأسه قملة فليدعها ولا يردها في مكانها . وسئل مالك " رضي الله عنه " عن المحرم يجد عليه البقة وما أشبهها فيأخذها فتموت قال لا شيء عليه في هذا .

( بخلاف غسله ) أي : ثوب المحرم لغير نجاسة بل لترفه أو وسخ أو غيرهما فيكره على ظاهرها حيث شك في قمله ، قال قتل شيئا أخرج ما فيه فإن تحقق قمله منع غسله لما ذكر فإن غسله وقتل شيئا أخرج ما فيه ( إلا ) غسله ( لنجس ) أصابه ( ف ) يجوز ( بالماء فقط ) لا بنحو صابون . ولو شك في قمله ولا شيء عليه في قتله حينئذ كما في الموازية . وفي الطراز يندب إطعامه ولا يجوز بنحو صابون فإن غسله به وقتل شيئا أخرج واجبه . فإن تحقق نفي قمله جاز مطلقا ولو بنحو صابون لغير نجاسة . البناني صرحت المدونة بكراهة غسله لغير نجاسة . وقال ابن عبد السلام والمصنف : إنها على بابها وتعقبا بذلك ظاهر ابن الحاجب الذي هو كظاهر المصنف . الحط ظاهر الطراز أنه ممنوع وهو الموافق لظاهر المصنف وابن الحاجب ، ويمكن حمل الكراهة في المدونة والموازية عليه فيسقط تعقب ابن الحاجب والمصنف والله أعلم .

( و ) جاز ب ( بط جرحه ) أي : فتحه وإخراج ما فيه بعصر ونحوه ، وكذا وضع لزقة عليه ومثله الدمل ونحوه لحاجته له ( و ) جاز ( حك ما خفي ) عليه من جسده كرأسه [ ص: 310 ] وظهره ( برفق ) يأمن معه قتل الدواب وطرحها وكره بشدة وأما ما يراه فله حكه وإن أدماه ( و ) جاز ( فصد ) لحاجة كما في الموطإ والمدونة وإلا كره ( إن لم يعصبه ) بفتح فسكون فكسر فإن عصبه ولو لضرورة افتدى .

( و ) جاز ( شد منطقة ) بكسر الميم وفتح الطاء ابن فرحون أي : هميان مثل الكيس تجعل الدراهم فيه وشدها جعل سيورها في ثقبها أو فيما يقال له إبزيم ، روى الباجي مساواة كونها من جلد أو خرق فإن عقدها افتدى وشرط جواز شدها كونه ( لنفقته على جلده ) أي المحرم تحت إزاره ، والهميان بكسر الهاء وتقديم الميم على المثناة تحت . ابن حجر يشبه تكة السراويل . ابن عرفة فيها لا بأس بربط منطقته تحت إزاره وجعل سيورها في ثقبها . ( و ) جاز ( إضافة نفقة غيره ) لنفقته التي في منطقته التي شدها على جلده ، بأن يودعه رجل نفقته بعد شدها لنفقة نفسه فيجعلها معها بلا مواطأة على الإضافة قبل شدها وربما يدل له كلامها في محل آخر ; لأن المواطأة على الممنوع ممنوعة وهو ظاهر المصنف أيضا ( وإلا ) أي : وإن لم يشدها لنفقته بأن شدها فارغة أو لمال تجارة أو له ولنفقته أو فوق إزاره أو لنفقة غيره أو تجر غيره ، أو لنفقته وإضافة تجر غيره أو شدها لنفقته ونفقة غيره معا ابتداء ، أو شدها مجردة عن قصده ( ففدية ) في هذه الصور وشبه في وجوب الفدية أمورا جائزة فقال ( كعصب جرحه أو رأسه ) لعله بخرقة ولو صغيرة ; لأن العصب مظنة الكبر .

وفصل ابن المواز في العصب بين الخرق الصغار والكبار كما في اللصق . وفرق التونسي بينهما بأن العصب والربط أشد من اللصق إذ لا بد فيهما من حصول شيء على الجسم الصحيح بخلاف اللصق ، ولذا صرح فيها بأن صغير خرق العصب والربط ككبيرها . [ ص: 311 ] أو لصق خرقة ) على جرحه أو رأسه ( كدرهم ) بغلي بموضع أو مواضع لو جمعت كانت قدره . وظاهر التوضيح وابن الحاجب لا شيء عليه في جمعه من مواضع ولا فدية في لصق خرقة أقل من درهم . ابن عاشر هذا والله أعلم خاص بجراح الوجه والرأس ; لأنهما اللذان يجب كشفهما كما علل به التونسي ( أو لفها ) أي : الخرقة ( على ذكر ) لمنع مني أو مذي أو ودي أو بول من وصوله لثوب ، بخلاف جعل ذكره فيها عند نومه بلا لف فلا فدية فيه ، فإن جعله في كيس فالفدية بالأولى .

( أو ) جعل ( قطنة ) ولو بلا طيب أو صغيرة ( بأذنيه ) أو إحداهما ، وعورض هذا بعدم الفدية بلصق خرقة دون درهم ، وأجيب بأن هذا لعظم النفع به أعطي حكم الكبير ( أو قرطاس بصدغيه ) أو بواحد وظاهره ولو أقل من درهم ، ولعل نكتة ذكره كون حكمه غير مقيد بالكبر لعظم نفعه ( أو ترك ذي ) أي : صاحب ( نفقة ) مضافة لنفقته في منطقته المشدودة على جلده حتى ( ذهب ) بعد فراغ نفقته ولم يردها له عالما بإرادته الذهاب وأبقى المنطقة مشدودة على جلده ، فإن لم يعلم بذهابه فلا فدية عليه . وأفهم كلامه هنا أن عدم إضافتها لنفقته مالا كعدم إضافتها لها ابتداء ( أو ) ترك ( ردها ) أي : نفقة الغير ( له ) وإبقائها على جلده بعد فراغ نفقته وهو حاضر معه فعليه الفدية .

التالي السابق


الخدمات العلمية