صفحة جزء
وجزأه وبيضه ، [ ص: 341 ] وليرسله بيده أو رفقته ، وزال ملكه عنه [ ص: 342 ] لا ببيته ، وهل وإن أحرم منه ؟ تأويلان ، فلا يستجد ملكه ولا يستودعه ، [ ص: 343 ] ورد إن وجد مودعه وإلا بقي ، وفي صحة شرائه قولان ; إلا الفأرة والحية والعقرب مطلقا ، وغرابا ، وحدأة ، [ ص: 344 ] وفي صغيرهما خلاف : كعادي سبع كذئب إن كبر : كطير خيف ; إلا بقتله ، ووزغا لحل بحرم : كأن عم الجراد واجتهد ، [ ص: 345 ] وإلا فقيمته .


( و ) حرم على المحرم وفي الحرم تعرض ( بيضه ) أي : البري الوحشي . ( و ) حرم بالإحرام وفي الحرم ( جزؤه ) أي : البري الوحشي بالزاي ، أي : يحرم التعرض لبعضه أيضا ، وضبطه ابن غازي بالجيم والراء ، غير محتاج إليه ; لأنه يغني عنه قوله وبيضه ; لأنه إذا حرم التعرض لبيضه فأولى لجروه ولدخوله في عموم قوله بري . [ ص: 341 ] ولأنه سينص على الجرو في قوله والصغير كغيره ويجوز للمحرم شرب لبن صيد وحده محلوبا ولا يجوز له حلبه إذ لا يجوز له إمساكه ، فإن حلبه فلا شيء عليه .

( و ) إن ملك حل صيدا في الحل باصطياده أو شرائه أو قبول عطيته من صائده الحل في الحل ثم أحرم أو دخل به الحرم ف ( ليرسله ) أي : يطلق المالك الصيد بمجرد ذلك إن كان ( بيده ) حقيقة أو حكما بأن كان بقفص أو قيد أو نحوهما ( أو ) كان مع ( رفقته ) في قفص أو غيره ، فإن لم يرسله وتلف فعليه جزاؤه ( وزال ملكه ) أي : من أحرم أو دخل الحرم والصيد بيده أو رفقته ( عنه ) أي للصيد في الحال والمآل فلو أرسله أحد فلا يضمنه أو أطلقه المحرم فأخذه حلال في الحل قبل لحوقه بالوحش فهو لمن أخذ .

فإذا تحلل المحرم من إحرامه فليس له أخذه منه ، وإن أبقاه المحرم بيده ورفقته حتى تحلل وجب عليه إرساله . فإن ذبحه بعد تحلله فهو ميتة وعليه جزاؤه . وأما من اصطاده وهو محرم أو الحرم فلم يملكه حتى يقال زال ملكه عنه . وأما الحلال إذا اصطاد صيدا في الحل ودخل به الحرم حيا ، فإن كان آفاقيا زال ملكه عنه ووجب عليه إرساله بمجرد دخوله الحرم ، ولو كان أقام بمكة إقامة قاطعة حكم السفر قبل اصطياده .

فإن ذبحه في الحرم أو في الحل فميتة وعليه جزاؤه . وإن كان من ساكني الحرم فلا يزول ملكه عنه ولا يجب عليه إرساله وله ذبحه في الحرم وأكله ، ولا جزاء عليه ولو باعه أو وهبه له آفاقي حلال في الحل وسيأتي هذا في قوله وذبحه بحرم ما صيد بحل . وفي تت أن من أقام بمكة زمنا طويلا صار كأهلها في هذا وصرح بمفهوم بيده أو رفقته فقال [ ص: 342 ] لا ) يزول ملك من أحرم بعد اصطياده صيدا أو شرائه أو قبول عطيته حل في حل عن الصيد ولا يجب عليه إرساله إن كان الصيد ( ببيته ) أي المحرم .

( وهل ) عدم وجوب إرساله وعدم زوال ملكه عنه مطلق إن أحرم من غيره بل ( وإن أحرم منه ) أي : البيت كأهل الميقات ومن منزله بين الميقات ومكة أو مقيد بإحرامه من غيره ، فإن أحرم منه زال ملكه ووجب عليه إرساله فيه ( تأويلان ) أي : فهمان في قوله ومن أحرم وفي بيته صيد فلا شيء عليه ولا يرسله ، الأول للتونسي وابن يونس ، والثاني نقله ابن يونس عن بعض الأصحاب . والفرق على الأول بين ما بيده أو رفقته وبين ما ببيته الذي أحرم منه أن البيت يرتحل عنه ولا يصاحبه وغيره منتقل بانتقاله ومصاحب له ( فلا يستجد ) المحرم أو الآفاقي في الحرم ( ملكه ) أي : الصيد بشراء أو قبول عطية أو إقالة ، فإن ورثه أو رد عليه بعيب زال ملكه وأرسله إذا كان الصيد حاضرا ، فإن كان غائبا فيجوز شراؤه وقبول عطيته .

( ولا يستودعه ) أي : المحرم الصيد يحتمل أنه مبني للمفعول بضم التحتية وفتح الدال ، أي : لا يقبله من غيره وديعة لا من محرم ولا من حلال ، قال في الطراز ولا يجوز للمحرم أن يأخذ صيدا وديعة فإن فعل رده إلى ربه ، فإن غاب فقال في الموازية عليه أن يطلقه ويضمن قيمته لربه . ومعناه إذا لم يجد من يودعه عنده فإن وجده فلا يرسله . ويحتمل أنه مبني للفاعل بفتح المثناة تحت وكسر الدال ، أي : لا يجعله وديعة عند غيره حتى يتحلل من إحرامه . [ ص: 343 ] و ) من أحرم وبيده صيد وديعة من حلال في الحل ( رده ) لمودعه وجوبا ( إن وجد مودعه ) بكسر الدال الحلال أو الذي أحرم بعد الإيداع ، فإن امتنع من قبوله حلا أو محرما ولم يجد حاكما يجبره على قبوله أرسله المودع بالفتح ولا يضمنه ( وإلا ) أي : وإن لم يجد مودعه ولا حلالا يودعه عنده ( بقي ) بضم فكسر مثقلا أي : الصيد بيد مودعه بالفتح ، ولا يرسله لقبوله بوجه جائز ، فإن مات عنده ضمن جزاءه لا قيمته قاله عج . فإن قبله محرم من حلال ولم يجده وجب إيداعه عند حلال ، فإن لم يجده أرسله وضمن قيمته لمودعه الحلال ولو أحرم بعد إيداعه ومفارقته المودع بالفتح . وإن قبله محرم من محرم أرسله ولو حضر المودع ولا يرده له ; لأنه لم يملكه وصورها تسع ذكرها عج ; لأنه إما أن يودعه حلال عند حلال ثم يحرم المودع بالفتح ، أو حلال عند محرم أو محرم عند محرم وفي كل منها إما أن يجد المودع بالفتح رب الصيد أو حلالا يودعه عنده أو لا يجد أحدهما .

( وفي صحة اشترائه ) أي : المحرم الصيد من حلال الحل أو الحرم من ساكنه الصائد في الحل ويزول ملكه عنه ويجب عليه إرساله ، ولا يجوز له رده لبائعه فإن رده له فعليه جزاؤه وفساده عليه فيجب عليه رده لبائعه إن لم يفت ( قولان ) الأول لابن حبيب ، والثاني في الموازية وعلى الصحة للبائع قيمته ; لأنه تسبب في وضع يد المحرم عليه وإرساله فلم يبق له حق في عينه ، وإنما حقه في ماليته فيرجع بقيمته قاله سند فيلغز به بيع صحيح مضى بالقيمة واستظهر الحط رجوعه بثمنه .

واستثنى من البري فقال ( إلا الفأرة والحية ) تاؤهما للوحدة ( والعقرب مطلقا ) صغيرة أو كبيرة ( وغرابا ) أسود أو أبقع ( وحدأة ) كعنبة فيجوز قتل هذه الخمسة لا بنية ذكاتها ، فإن نوى ذكاتها فلا يجوز نقله سند عن عبد الوهاب وفيها الجزاء . تت وألحق بالفأر بنت عرس وما يقرض الثياب من الدواب ، ودخل فيه الحية الأفعى وألحق [ ص: 344 ] بالعقرب الرتيلى دابة صغيرة سوداء والزنبور .

وفي جواز قتل ( صغيرهما ) أي : الغراب والحدأة وهو ما لم يصل لحد الإيذاء نظرا للفظ غراب وحدأة ، ومنعه نظرا للمعنى وهو انتفاء الإيذاء . وعلى هذا الإجزاء مراعاة للأول ( خلاف ) وشبه في الجواز فقال ( كعادي سبع ) كأسد ونمر وفهد وبه فسر حديث { اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فعدا عليه السبع فقتله وهو عتيبة بن أبي لهب } ( كذئب ) مثال لعادي السبع فيجوز قتله لا تذكيته ( إن كبر ) بكسر الباء شرط في جواز قتل كل عاد ولا يقال قاعدته إرجاع الشرط لما بعد الكاف ; لأنها في كاف التشبيه لإفادة حكم في غير جنس المشبه به لا في كاف التمثيل ببعض الأفراد ، فإن صغر كره قتله ولا جزاء فيه .

وشبه في الجواز أيضا فقال ( كطير ) غير غراب وحدأة ( خيف ) منه على نفس أو عضو أو دابة أو مال له بال ولا يندفع ولا يؤمن منه ( إلا بقتله ) فيجوز قتله ولا جزاء فيه ( و ) إلا ( وزغا ) فيجوز قتله ( لحل ) بكسر الحاء المهملة أي : غير محرم ( بحرم ) أي : فيه ; لأن شأنه الإيذاء ، ويكره للمحرم قتله مطلقا ويطعم شيئا من طعام مع أن القاعدة أن ما جاز قتله في الحرم جاز للمحرم قتله إلا أن الإمام مالكا رضي الله تعالى عنه رأى أنه لو تركها الحلال في الحرم لكثرت في البيوت وحصل منها الإضرار بإفساد ما تصل إليه ، ومدة الإحرام قصيرة قاله في منسكه .

وفي الشارح يمنع قتلها المحرم ويمكن حمل الكراهة على التحريم . وصرح الجزولي في شرح الرسالة بالمنع ، وفي المدونة بالكراهة . طفى المراد بها التحريم بدليل قوله وإذا قتلها المحرم أطعم كسائر الهوام والمذهب كله على الإطعام .

وشبه في عدم الجزاء المستفاد من الاستثناء فقال ( كأن عم الجراد ) أي : كثر بحيث لا يستطاع دفعه فعلا جزاء ولا حرمة في قتله لعسر الاحتراز منه ( واجتهد ) المحرم في [ ص: 345 ] التحفظ من قتله واوه للحال ( وإلا ) أي : وإن لم يعم أو لم يجتهد وقتله مفرطا ( فقيمته ) أي الجراد طعاما تلزم قاتله محرما أو في الحرم ظاهره كالمدونة والجلاب بلا حكومة . ولابن القاسم بحكومة ولا مانع من عود قوله وإلا فقيمته للوزغ أيضا إذا قتله محرم لقول الإمام مالك رضي الله تعالى عنه أطعم كسائر الهوام . وعلى ظاهر المصنف المراد قيمته بنظر أهل المعرفة ، وعلى ما لابن القاسم إن أخرج بلا حكومة فلا يجزئ .

التالي السابق


الخدمات العلمية