صفحة جزء
وجرح مسلم [ ص: 420 ] مميز وحشيا ، وإن تأنس عجز عنه إلا بعسر ، لا نعم شرد ، أو تردى بكوة [ ص: 421 ] بسلاح محدد ، [ ص: 422 ] وحيوان علم بإرسال من يده [ ص: 423 ] بلا ظهور ترك .


( و ) الذكاة في العقر ( جرح ) بفتح الجيم أي إدماء جنس وإضافته لشخص ( مسلم ) ذكر أو أنثى بالغ أو صبي حر أو رق ، فصل مخرج جرح الكافر ولو في إذن سواء شق الجلد أم لا وخرج عنه شق الجلد بالآلة بدون إدماء في وحشي صحيح فلا يكفي ، ويكفي في مريض ففي مفهومه تفصيل ، والمراد مسلم حال الإرسال فلا يؤكل بجرح كافر لقوله تعالى { وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم } وافترق صيد الكتابي من ذبحه ونحره ; لأن في الصيد نوع تعبد ووقوفا مع الإسناد إلى المؤمنين في الآية ولا يعارضه { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } كما استدل به أشهب وابن وهب وجماعة على عدم اشتراط الإسلام لتخصيصها بالآية الأخرى جمعا بين [ ص: 420 ] الدليلين المذكورين ، والمراد بجرح الكافر ما مات بجرحه أو نفذ مقتله به فإن خرج صيدا ولم ينفذ مقتله فيؤكل بذبحه كما في تت ، وبذبح مسلم أولى . البدر وتوهم بعض أهل العصر عدم أكله في تلك الحالة فاسد .

قال بعض : والظاهر كراهة صيد من تكره ذكاته ( مميز ) لا صبي غير مميز ولا مجنون ولا سكران يخطئ ويصيب ، وادعى الصيد حال الإفاقة ومفعول جرح المضاف لفاعله قوله حيوانا ( وحشيا ) إن لم يتأنس بل ( وإن ) كان ( تأنس ) ثم توحش و ( عجز عنه ) ولم يقدر عليه في حال ( إلا بعسر ) أي : معه ومفهومه أن المقدور عليه بلا مشقة لا يؤكل بعقره وهو كذلك ، ففيها لمالك " رضي الله عنه " من رمى صيدا فأثخنه حتى صار لا يقدر أن يفر ثم رماه آخر فقتله فلا يؤكل . ابن القاسم ; لأن هذا قد صار أسيرا كالشاة التي لا تؤكل إلا بذبح ، ويضمن الرامي الثاني الذي قتله للأول قيمته مجروحا ( لا ) جرح ( نعم ) أي : حيوان إنسي ولو غير نعم كإوز ودجاج وحمام بيت ( شرد ) وتوحش فلا يؤكل بعقره منظرا لأصله كما نظر لأصل الوحشي الذي تأنس ثم توحش ولم يقدر عليه إلا بعسر . وعلم من كلام المصنف أن لكل من الوحشي والإنسي الأصليين ثلاثة أقسام فالوحشي دائما والمتأنس منه توحش يؤكلان بالجرح ، والمتأنس منه المستمر على تأنسه كالنعامة في القرية لا يؤكل بالجرح . النوع الثاني الإنسي دائما والمتوحش منه ثم تأنس والمتوحش منه المستمر على وحشيته لا يؤكل واحد منها بالجرح .

( أو ) حيوان نعم أو وحش ( تردى ) بفتحات مثقلا أي : سقط ( بكوة ) بفتح الكاف وضمها مثقلا أي طاقة في نحو حائط ولا معنى لها هنا ; لأن التردي السقوط من عال إلى سافل ، ولذا قال ابن غازي أو تردى بكهوة أي : في هوة فالكاف للتمثيل والهوة بضم الهاء وتشديد الواو . قال الجوهري الهوة الوهدة العميقة وجمعها هوى بالضم [ ص: 421 ] قال شيخ شيوخنا أبو زيد المكودي في قصيدته :

وأنت يا نفس شغلت بالهوى حتى وقعت في قعور للهوى

وفي بعض النسخ بكحفرة والمعنى واحد . ابن المواز وأصبغ ما اضطره الجارح لحفرة لا خروج له منها أو انكسرت رجله فكنعم . ابن عرفة وما عجز عنه في مهواة جاز فيه ما أمكن من ذبح أو نحر ، فإن تعذر فالمشهور أنه لا يحل بطعنه في غير محلهما .

وفي التوضيح إذا شرد الإنسي فإن كان غير بقرة فلا يؤكل بالعقر اتفاقا وكذا البقرة على المشهور خلافالابن حبيب ، قال ; لأن البقر لها أصل في الوحش ترجع إليه ثم قال وألزم اللخمي والتونسي ابن حبيب أن يقول في الإبل والغنم إذا شردت أن تؤكل بالعقر من قوله في الشاة وغيرها إذا وقعت في مهواة أنها تطعن حيث أمكن ويكون ذلك ذكاة لها ، والجامع بينهما العجز عن الوصول إلى الذكاة في المحلين ، وفرق صاحب المعلم وابن بشير بأن الواقع في مهواة يتحقق تلفه لو ترك فلعل ابن حبيب أباح ذلك صيانة للمال ا هـ فابن حبيب فصل في النعم الشارد وأطلق في المتردي .

ويشترط كون الجرح ( بسلاح محدد ) بضم الميم وفتح الحاء المهملة والدال الأولى مشددة أي : شيء له حد ولو كحجر حاد أو له حد وعرض وعلم إصابته الصيد بحده لا بعرضه فليس مراده به هنا خصوص الحديد لندبه كما يأتي ، واحترز به عن غير المحدد كالعصي والبندق والشرك والشبة إذا قتل الحيوان أو أنفذ مقتله ، فإن عطله ولم ينفذ مقتله ذبح أو نحر بتسمية ونية القرافي والحط ظاهر مذهبنا حرمة الرمي بالبندق وكل ما شأنه أن لا يخرج وهو ظاهر ; لأنه كاصطياد مأكول لا بنية الذكاة ويمكن رجوع قوله بسلاح محدد لأنواع الذكاة الثلاثة على سبيل التنازع أفاده عب . البناني قوله كالعصي والبندق إلخ أي ; لأنه لا يجرح وإنما يرض ويكسر والمراد البندق المستعمل من الطين المحرق كما في المشارق زاد أبو الحسن الصغير وبغير طبخ عند بعضهم وأما الصيد بالبندق ومن الرصاص فلم يوجد فيه نص للمتقدمين ، واختلف فيه المتأخرون [ ص: 422 ] من الفاسيين لحدوث الرمي به بحدوث البارود واستخرجه حكيم كان يستعمل الكيمياء ففرقع له فأعاده فأعجبه ، فاستخرج منه هذا البارود في وسط المائة الثامنة وأفتى فيه بجواز الأكل . أبو عبد الله القوري وابن غازي وعلي بن هارون والمنجور والعارف بالله تعالى عبد الرحمن الفاسي واختاره شيخ الشيوخ عبد القادر الفاسي لإنهاره وإجهازه بسرعة اللذين شرعت الذكاة من أجله ، قال بل الإنهار به أبلغ وأسهل من كل آلة يقع الجرح بها .

وكون الجرح المراد به الشق كما قيل وصفه طردي غير مناسب لإناطة الحكم به إذ المراد مطلق الجرح سواء كان شقا أو خرقا كما في محدد المعراض ، وقياسه على البندقة الطينية غير صحيح لوجود الفارق بينهما ، وهو وجود الخرق والنفوذ في الرصاص تحقيقا وعدم ذلك في البندقة الطينية ، وإنما شأنها الرض والدمغ والكسر وما كان هذا شأنه لا يستعمل ; لأنه من الوقذ المحرم بنص القرآن العزيز ا هـ ، مختصرا من خط عبد القادر الفاسي في جواب له طويل .

( أو ) ب ( حيوان علم ) بضم فكسر مثقلا ولو من نوع ما لا يقبل التعلم كأسد ونمر ونسر وأولى ما يقبله من كلب وباز وسنور وابن عرس وذئب ، ولو كان طبع المعلم بالفعل الغدر كدب فإنه لا يمسك إلا لنفسه ، قال فيها والمعلم هو الذي إذا أرسل أطاع وإذا زجر انزجر ، أي : إلا الباز فإنه لا ينزجر ، وعصيان المعلم مرة لا يخرجه عن كونه معلما كما لا يكون غير المعلم معلما بطاعته مرة بل المعتبر العرف في ذلك ( بإرسال من يده ) مع نية وتسمية تعبدا فلو وجد مع جارحه صيدا لم يعلم به أو انبعث قبل رؤية ربه الصيد ولو أشلاه عليه أثناءه وهو بقربه ، أو رآه ولم يرسله ، أو أرسله ولم يكن بيده لا يؤكل في واحدة من هذا إلا بزكاة ، وهو غير منفوذ مقتل ، ولو كان لا يذهب إلا بأمره فالمراد باليد حقيقتها ، ومثلها إرساله من حزامه أو من تحت قدمه إلا القدرة عليه والملك ويد خادمه كيده هذا قول الإمام مالك رضي الله تعالى عنه الذي رجع له ، وقال قبله يؤكل إذا أرسله من غير يده وبه أخذ ابن القاسم وهما فيها واختار غير واحد كاللخمي ما أخذ به ابن القاسم فالأولى ذكره لقوته . [ ص: 423 ] ب ) شرط ( لا ) أي : عدم ( ظهور ترك ) من الحيوان المعلم للصيد قبل قتله أي : يشترط في جواز أكل مصيده إذا قتله أو أنفذ مقتله انبعاثه إليه من حين إرساله إليه إلى حين أخذه ، وأما السهم فيعتبر فيه ما يعتبر في رمي حصى الجمار ، وتقدم أنه لا يضر إصابتها غيرها إن ذهبت إليها بقوة الرمي وليس اشتغاله بإفراد . ما أرسل عليه تركا فيؤكل ما صاده مما أرسل عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية