صفحة جزء
والمشي لمسجد مكة ولو لصلاة [ ص: 111 ] وخرج من بها وأتى بعمرة كمكة ، أو البيت ، أو جزئه لا غير ، [ ص: 112 ] إن لم ينو نسكا من حيث نوى ، وإلا حلف أو مثله إن حنث به وتعين محل اعتيد وركب في المنهل ، ولحاجة كطريق قربى اعتيدت ، [ ص: 113 ] وبحرا اضطر له ، لا اعتيد على الأرجح لتمام الإفاضة وسعيها .


فقال ( و ) لزم ( المشي لمسجد مكة ) من حلف به وحنث أو نذره في حج أو عمرة بل ( ولو ) حلف به أو نذره ( لصلاة ) فيه فرض أو نفل . اللخمي هذا قول مالك رضي الله تعالى عنه ; لأن مذهبه أن التضعيف الوارد في المسجد الحرام في الفرض والنفل والقول بأنه في الفرض فقط خارج المذهب ، صرح به عياض آخر الشفاء ، وظاهر المصنف ولو لامرأة كما في المدونة ، وقيدها ابن محرز بما [ ص: 111 ] إذا لم يلحقها ضرر يظن به انكشافها ولم تخش الفتنة بها ، وإلا فلا يلزمها المشي بل ربما حرم عليها ، وارتضاه في التوضيح ، وللزوج منعها من نذر المشي . وأشار ب ولو لقول القاضي إسماعيل من نذر المشي للمسجد الحرام للصلاة لا للنسك فلا يلزمه المشي ، ويركب إن شاء واقتصر عليه ابن يونس ، وبه اعترض المواق . المصنف وشهره ابن بشير وابن الحاجب فقال : ولو ذكر المشي فلا يلزمه في الثلاثة على المشهور أي المساجد الثلاثة ، فسوى بينها في عدم اللزوم لكن لما تعقب في التوضيح على ابن الحاجب بقوله : كلام الإكمال يقتضي أن قول إسماعيل مخالف للمذهب . ا هـ . تبع هنا ما له في التوضيح . طفى ما هنا هو الصواب لما في الإكمال ، ولنقل الآبي عن المازري أن المشهور فيمن نذر الصلاة بأحدها ماشيا أنه إنما يلزمه المشي في نذر المسجد الحرام ، ولقول ابن عرفة قول إسماعيل خلاف ظاهر الروايات ونص الآبي في الكلام على حديث { لا تشد الرحال إلا لثلاث } . المازري اختصت الثلاثة لفضلها على غيرها بأن من كان بغيرها ونذر الصلاة بأحدها أتاها ، فإن قال ماشيا فقال إسماعيل لا يلزمه ويأتي راكبا في الجميع . وقال ابن وهب يلزمه المشي في الجميع والمشهور أنه يلزمه المشي في المسجد الحرام فقط . ا هـ . قلت تبين مما تقدم تشهير كل من القولين أن على المصنف التعبير بخلاف . ا هـ بناني

( وخرج ) إلى الحل ( من ) نذر المشي لمكة وهو ( بها ) أي مكة سواء كان بالمسجد الحرام أو خارجه ، وكذا من نذر المشي للمسجد وهو داخله اتفاقا أو نذر المشي للمسجد الحرام حال كونه خارجا عنه عند ابن القاسم في أحد قوليه ، وقوله الآخر يكفيه المشي من موضعه للمسجد ، وعزي للإمام مالك أيضا ( وأتى بعمرة ) من طرف الحل ماشيا ، ولا يلزمه المشي حال خروجه . وشبه في وجوب المشي فقال ( ك ) ناذر المشي ( لمكة أو البيت ) الحرام أي الكعبة ( أو جزئه ) أي البيت المتصل به كبابه وركنه وملتزمه وشاذروانه وحجره ( لا غير ) [ ص: 112 ] بالضم عند حذف المضاف إليه ونية معناه أي لا ملتزم المشي لغير ما ذكر مما ليس متصلا بالبيت ، سواء كان بالمسجد الحرام كزمزم والمقام والمنبر وقبة الشراب أو خارجا عنه كالصفا والمروة ، أو خارجا عن الحرم كعرفة فلا يلزمه المشي ( إن لم ينو ) الملتزم ( نسكا ) بضم النون والسين أي حجا أو عمرة ، فإن نواه لزمه المشي ويمشي من لزمه المشي في جميع ما مر ( من حيث ) أي من المكان الذي ( نوى ) الملتزم المشي منه سواء كان موضع التزامه أو غيره .

( وإلا ) أي وإن لم ينو المشي من مكان معين فيمشي من حيث جرى العرف بالمشي منه ، فإن لم يجر العرف بالمشي من محل فيمشي من حيث ( حلف ) أو نذر وقيل من حيث حنث ( أو ) من ( مثله ) أي موضع الحلف في البعد لا في الصعوبة والسهولة ( إن حنث ) الحالف ( به ) أي في المثل ومفهوم هذا الشرط أنه إن مشى من مثله ولم يحنث به لا يجزيه ، وكلام اللخمي يفيد أنه يجزيه ، وكذا نقل ابن عرفة والشارح وغيرهما ( وتعين ) بفتحات مثقلا لابتداء مشي ملتزم المشي إن لم يكن له نية وفاعل تعين ( محل اعتيد ) المشي منه للحالفين سواء اعتيد المشي منه لغيرهم أيضا أم لا كان من مكة أو نواحيها .

( وركب ) أي جاوز ركوب ملتزم المشي لقضاء حاجة ( في ) حال إقامته في ( المنهل ) بفتح الميم والهاء بينهما نون ساكنة أي مكان النزول كان به ماء أم لا ( و ) ركب ( لحاجة ) بغير المنهل قبل نزوله نسيها فعاد إليها . وشبه في الجواز فقال ( ك ) مشي في ( طريق قربى اعتيدت ) للحالفين سواء اعتيدت لغيرهم أيضا أم لا ، فإن اعتيدت البعدى للحالفين والقربى لغيرهم تعينت البعدى وإن أعيدتا معا للحالفين مشى من أيهما شاء وإن لم تعتد واحدة منهما لهم تعينت البعدى . [ ص: 113 ] و ) ركب ( بحرا اضطر له ) بأن كان في جزيرة فلا يمكنه الوصول إلى مكة إلا بركوبه ( لا اعتيد ) ركوبه ظاهره ولو للحالفين فلا يجوز للحالف ركوبه ( على الأرجح ) عند ابن يونس من الخلاف . طفى ظاهر كلامه هنا وفي التوضيح أن ابن يونس منع ركوب البحر المعتاد مطلقا اعتيد للحج أو التجر أو الحلف ، وإنه اختار هذا من خلاف وليس كذلك فيهما ، ويتبين لك ذلك بالوقوف على كلام ابن يونس . وحاصله أن أبا بكر بن عبد الرحمن أجاز ركوب البحر المعتاد للحجاج مطلقا الحالفين وغيرهم وأن أبا عمران منع ركوب المعتاد مطلقا ، وأن ابن يونس قيد الجواز بكونه معتادا للحالفين ، فإن اعتيد لغيرهم فقط فلا يجوز ، فعلى المصنف الدرك في نسبة إطلاق المنع لابن يونس وتعبيره عن ترجيحه بالاسم والله أعلم . ويمشي من لزمه المشي ( لتمام ) طواف ( الإفاضة ) إن كان سعى عقب طواف القدوم ( و ) لتمام ( سعيها ) أي السعي عقب الإفاضة إن لم يسع عقب القدوم ، ويحتمل أن الضمير للعمرة ويفوته حكم من لم يسمع عقب القدوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية