صفحة جزء
وسقط القتل ولو بعد الفتح : بلفظ ، أو إشارة مفهمة ، [ ص: 173 ] إن لم يضر .


( وسقط القتل ) عن الحربي بتأمينه من الإمام أو غيره وأمضاه قبل الفتح بل ( ولو بعد الفتح ) هذا قول ابن القاسم وابن المواز . وقال سحنون لا يجوز لمؤمنه قتله ويجوز لغيره ، فالخلاف في سقوط القتل بالتأمين بعد الفتح إنما هو بالنسبة لغير المؤمن . وأما هو فليس له قتله اتفاقا ، وكذا في التوضيح والحط ، ومقتضى نقل المواق عن ابن بشير أن الخلاف في تأمين غير الإمام بالنسبة للقتل ، وكذا غير القتل إن كان التأمين قبل الفتح لا بعده فيسقط القتل فقط لا الفداء أو الجزية أو الاسترقاق فيرى الإمام رأيه فيه ، واقتصر على القتل مع أنه لا خصوصية له حيث وقع التأمين قبل الفتح للمبالغة على ما بعده ، إذ لا يسقط حينئذ إلا هو دون غيره .

ثم الأمان يكون ( بلفظ أو إشارة مفهمة ) أي شأنها فهم العدو الأمان منها وإن قصد المسلمون بها ضده كفتحنا المصحف ، وحلفنا أن نقتلهم فظنوه تأمينا فهو صلة تأمين فيفيد فائدتين كونه بلفظ إلخ ، وسقوط القتل به وتعليقه بسقوط لا يفيد الأولى ، ويحتمل تنازعهما فيه وإعمال الثاني في لفظه لقربه ، والأول في ضميره وحذفه ; لأنه فضلة .

البناني قوله وإن قصد المسلمون ضده إلخ داخل في قوله وإن ظنه حربي إلخ ، ومعنى [ ص: 173 ] كونه تأمينا أنه يعصم دمه وماله لكن يخير الإمام بين إمضائه ورده لمأمنه ، وبهذا يجمع بين ما في التوضيح من اشتراط قصده ، وما في المواق من عدم اشتراطه بحمل ما في التوضيح على التأمين المنعقد الذي لا يرد ، وما في المواق على ما يخير فيه الإمام والله أعلم . قوله وتعليقه يسقط إلخ فيه نظر إذ يفيد الأولى أيضا ; لأن السقوط المذكور ثمرة التأمين ونتيجته .

وشرط جواز التأمين من الإمام أو غيره أو مضيه ( إن لم يضر ) التأمين المسلمين بأن كانت فيه مصلحة لهم أو لم يحصل به مصلحة ، ولا مضرة فهو راجع لقوله بأمان الإمام إلخ ، ففي الجواهر وشرط الأمان أن لا يكون على المسلمين ضررا فلو أمن جاسوسا أو طليعة أو من فيه مضرة لم ينعقد ، ولا تشترط المصلحة بل عدم المضرة ، ثم قال فلو فقد الشرط بأن كان عينا أو جاسوسا أو طليعة أو من فيه مضرة لم ينعقد .

وأما تمثيل الشارحين المضرة بقولهم كإشرافهم على فتح حصن إلخ ، فهو لسحنون عزاه جميع من وقفنا عليه له وهو على أصله من أن التأمين بعد الفتح لا يصح ، ولا يأتي على مذهب ابن القاسم من صحته بعده ; لأنه إذا صح بعده فأحرى قبله ، لكن يبقى النظر في حكمه بعد الإشراف هل هو كما بعد الفتح في إسقاط القتل فقط أو تأمينا مطلقا والظاهر من كلامهم الثاني . ابن بشير لما ذكر الأمان هذا كله إذا كان الأمان قبل الفتح وما دام الذي أمن متمنعا . ابن عرفة في شروطه وكونه قبل القدرة على الحربيين أفاده طفي .

التالي السابق


الخدمات العلمية