صفحة جزء
ورضاء البكر صمت : كتفويضها . [ ص: 282 ] وندب إعلامها به ، ولا يقبل منها دعوى جهله في تأويل الأكثر ، وإن منعت أو نفرت لم تزوج ، لا إن ضحكت أو بكت [ ص: 283 ] والثيب تعرب : كبكر رشدت ، أو عضلت ، أو زوجت بعرض


( ورضاء البكر ) غير المجبرة بالزوج والصداق ( صمت ) لامتناعها غالبا من الإعراب بالقول لحيائها ومعرتها بميلها للرجال ، وأصل المعنى وصمت البكر رضا إذ القصد الإخبار عن الصمت بأنه رضا لا عكسه ، فقلب مبالغة ، كخبر { ذكاة الجنين ذكاة أمه } .

ولما كان لا يلزم من كون صمتها رضا بالزوج والمهر كونه رضا بتولي وليها عقدها شبهه به فيه فقال ( كتفويضها ) أي البكر الغير المجبرة العقد لوليها فصمتها رضا به ، فإذا [ ص: 282 ] قيل لها نشهد عليك أنك فوضت العقد عليك لوليك فلان أو هل تفوضين له العقد فسكتت فهو رضا غابت عن المجلس أو حضرت . وأما إن لم تسأل وأرادت التفويض لوليها في العقد فلا بد من نطقها بل لا يتصور إلا به ، وهذا في الولاية العامة أو الخاصة مع التعدد والتساوي كشقيقين أو لأب ، أراد أحدهما العقد لها فإن كان وليا خاصا واحدا ورضيت بالزوج والمهر فليس لها منعه من مباشرة عقدها فلا يحتاج لتفويضها له أفاده عب .

( وندب ) بضم فكسر ( إعلامها ) أي البكر ( به ) أي بأن صمتها رضا بأن يقال لها خطبك فلان بصداق من نوع كذا قدره كذا حاله ومؤجله كذا ، فإن صمتت قيل لها صمتك رضا وسننفذ لك ذلك ، وإن لم ترض فتكلمي ، وظاهره الاكتفاء بمرة ولابن شعبان ثلاثا .

( و ) إن استؤذنت البكر في ذلك فصمتت فعقد عليها فأنكرت وادعت عدم الرضا ، وأنها جهلت كون صمتها رضا ف ( لا يقبل ) بضم فسكون ففتح ( منها ) أي البكر ( دعوى جهله ) أي كون صمتها رضا لشهرته بين الناس فتتهم بالكذب في دعوى جهله وتحيلها على فسخ النكاح لعارض عرض لها بعد الرضا ( في تأويل الأكثر ) المدونة وظاهره ولو عرفت بالبله وقلة المعرفة . وقيل إن عرفت بالبله قبل منها دعوى جهله .

ومفهوم المصنف أن تأويل الأقل قبول دعواها جهله مطلقا . المصنف ولعله على أن إعلامها به واجب .

( وإن منعت ) البكر حين استئذانها بنطق أو غيره مما يدل عليه ( أو نفرت ) أي غضبت وكرهت ذلك ( لم تزوج ) بضم المثناة لعدم رضاها وإلا فاتت فائدة استئذانها ، فإن زوجت فيفسخ ولو دخل وطال ولو أجازته لعدم اعتبار رضاها بعد منعها ( لا ) يمنع تزويجها ( إن ضحكت أو بكت ) عند استئذانها لدلالة ضحكها على رضاها بما [ ص: 283 ] استؤذنت فيه صريحا ، وبكاها عليه ضمنا لاحتمال أنه على فقد أبيها وأنه لو كان حيا لم يحتج لاستئذانها ، فإن أتت بمتنافيين فالظاهر اعتبار الأخير ، فإن دلت قرينة على أن ضحكها استهزاء وبكاها منع فلا تزوج ، وينبغي إطالة الجلوس معها حتى يتضح أمرها .

( والثيب ) غير المجبرة التي تقدمت ( تعرب ) بضم فسكون فكسر ، أي تبين مرادها بصريح اللفظ من تعيين الزوج والصداق وتفويض العقد لوليها إن غابت عن مجلسه ، فإن حضرته كفى صمتها في هذا قاله ابن القاسم نقله المواق عن المتيطي . وعن الكافي لا يكون سكوت الثيب إذنا منها في نكاحها ولا تنكح إلا بإذنها قولا واحدا .

وعبر بتعرب تبركا بحديث { البكر تستأمر وإذنها صماتها والثيب تعرب عن نفسها بلسانها } وشبه في الإعراب فقال ( كبكر رشدت ) بضم فكسر مثقلا أي رشدها أبوها أو وصيها بعد بلوغها فلا يزوجها إلا بعد رضاها بالقول ( أو ) بكر ( عضلت ) بضم فكسر أي منعها أبوها من النكاح لا لمصلحتها بل لإضرارها فرفعت شأنها للحاكم فأراد تزويجها لامتناع أبيها منه وعدم امتثال أمره به فلا بد من نطقها ، فإن أراد أبوها تزويجها فلا يحتاج لإذنها ( أو زوجت ) بضم فكسر مثقلا أي أراد وليها غير الأب ووصيه تزويجها ( ب ) صداق ( عرض ) بفتح العين المهملة وسكون الراء آخره ضاد معجمة أي غير ذهب وفضة كله أو بعضه وهي من قوم لا يزوجون به فيشترط إعرابها بالقول ، فإن زوجها أبوها أو وصيه به أو كانت من قوم يزوجون به فلا يشترط نطقها ، فقوله أو زوجت بعرض في اليتيمة المهملة وهو موافق لقول الغرناطي في عد النظائر التي تعرب بالنطق المرشدة واليتيمة المهملة غير المعنسة إذا أصدقت عرضا ، ولقول المقري في قواعده كل بكر تستأمر فإذنها صمتها إلا المرشدة والمعنسة والمصدقة عرضا ، ومثله لابن سلمون لكن الذي في عبارة الباجي والمتيطي وابن عرفة وغيرهم اليتيمة التي يساق لها مال نسبت معرفته لها وليس لها وصي فلم يخصوه بالعرض ولم يذكروا خلافا فيها . [ ص: 284 ] والحاصل أن مراد المصنف اليتيمة المهملة وتقييدها بكون تزويجها بعرض موافق للغرناطي والمقري وابن سلمون ، وعبر غيرهم بالتي يساق لها مال نسبت معرفته لها وهذا يشمل العرض والعين أفاده البناني ، ولا تكفي إشارتها وإن كفت في البيع لأن الصداق تابع للنكاح لأنه ركنه أو شرطه والنكاح لا تكفي فيه الإشارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية