صفحة جزء
[ ص: 286 ] وفسخ تزويج حاكم أو غيره ابنته في : كعشر ، وزوج الحاكم في : [ ص: 287 ] كإفريقية ، وظهر من مصر ، وتؤولت أيضا بالاستيطان : كغيبة الأقرب الثلاث ، [ ص: 288 ] وإن أسر أو فقد ، فالأبعد : كذي رق ، وصغر وعته ، وأنوثة ، [ ص: 289 ] لا فسق وسلب الكمال


( وفسخ ) بضم فكسر ( تزويج حاكم أو غيره ) أي الحاكم من الأولياء كابن وأخ وجد من إضافة المصدر لفاعله ومفعوله ( ابنته ) أي المجبر بغير إذنه وتفويضه ، وكذا أمته ولو أجازه ولم يقل مجبرته لاختصاص التقسيم الآتي بالحرة ، وصلة تزويج ( في ) غيبته القريبة التي على مسافة ( كعشر ) من الأيام ذهابا فقط وإن أجازه الأب وولدت أولادا إن دامت نفقتها ولم يتبين إضراره بغيبته ، وإلا كتب له الحاكم إما أن تزوجها وإلا زوجناها عليك ، فإن لم يفعل زوجها الحاكم ولا يفسخ قاله الرجراجي ، وإلا إذا عدمت النفقة وخيف عليها الضيعة فيزوجها الحاكم ولا يفسخ قاله سالم قياسا على قوله .

( وزوج ) بفتحات مثقلا فاعله ( الحاكم ) مجبرة أب غاب غيبة انقطاع ( في [ ص: 287 ] كإفريقية ) أي القيروان كانت محل الحاكم سابقا ومحله الآن تونس وهما عمالة واحدة ، وطالت إقامته بها بحيث لا يرجى قدومه بسرعة ، ولو دامت نفقتها ولم يخف عليها ضيعة هذا ظاهر المدونة وهو الراجح قاله الحط . وقال مالك رضي الله تعالى عنه في كتاب محمد لا يزوجها الحاكم إلا إذا عدمت النفقة وخيف عليها الضيعة واعتمده الرماصي .

( وظهر ) بضم فكسر مثقلا كون مبدأ المسافة إلى إفريقية ( من مصر ) العتيقة لأن ابن القاسم كان بها حين التمثيل بإفريقية حال إقرائه بجامع عمرو بن العاص وبينهما ثلاثة أشهر . وقال الأكثر من المدينة المنورة بأنوار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأن الإمام مالكا رضي الله تعالى عنه كان بها حين ذلك وبينهما أربعة أشهر واستقر به ابن عبد السلام لأن المسألة للإمام لا لابن القاسم .

( وتؤولت ) بضم المثناة والهمز وكسر الواو مثقلة وسكون تاء التأنيث أي فهمت المدونة ( أيضا ) أي كما تؤولت بما تقدم ( ب ) شرط ( الاستيطان ) بنحو إفريقية بالفعل ، فلا تكفي مظنته . وأخر المصنف هذا التأويل لأن ابن رشد ضعفه وقال لا وجه له ، وأما من خرج لنحو تجارة في مثل تلك المسافة ناويا عوده ولم تطل إقامته فلا تزوج ابنته .

( تنبيه ) تعارض مفهوم قوله كعشر ومفهوم قوله كإفريقية في غيبته فوق كعشر ودون ثلاثة أشهر أو أربعة ، والمعتبر مفهوم الثاني فلا يزوجها الحاكم ، فإن زوجها فلا يفسخ ، قاله غير واحد من شيوخ عج قائلين كلام التوضيح يفيده .

وشبه في تزويج الحاكم فقال ( كغيبة ) الولي ( الأقرب ) غير المجبر ( الثلاث ) من الأيام فيزوج الحاكم لقيامه مقام الغائب غالبا ولا يزوجها الأبعد ، فإن زوجها صح كما علم بالأولى من قوله وبأبعد مع أقرب لم يجبر ، وما زاد على الثلاث كالثلاث ، وما نقص عنها ينتقل فيه للأبعد بعد الكتب للأقرب بأنه إن حضر وإلا زوجها الأبعد . وظاهر المصنف [ ص: 288 ] تزويج الحاكم بمجرد طلبها وإن لم يثبت عضل الغائب تنزيلا لغيبته منزلة عضله .

( وإن أسر ) بضم فكسر أي الولي كان مجبرا أو لا ( أو فقد ) كذلك ( ف ) الولي ( الأبعد ) يزوجها ولو جرت عليها النفقة ولم يخف عليها ضيعة . المتيطي وبه القضاء لا الحاكم . وقال ابن رشد الاتفاق على أن الأسير والمفقود كذي الغيبة البعيد فلا يزوج بنتهما إلا الحاكم ولا ينتقل للأبعد وصوبه بعض الموثقين قائلا لا فرق بينهما ، لكن يرد على المصنف أن المتيطي لم يقل ذلك إلا في المفقود ، ولم يتكلم على الأسير ، ونصه وأما إن كان الأب مفقودا قد انقطع خبره ولا تعلم حياته ولا موته فيجوز إنكاح الأولياء وظاهره برضاها ، وهذا هو المشهور به القضاء . وقال عبد الملك في الثمانية ليس لهم ذلك إلا بعد أربع سنين من يوم فقده . وقال أصبغ فيها لا تزوج بحال . ا هـ . وقياس الأسير على المفقود لا يصح لعلم حياة الأسير وعدم صحة القياس مع النص والله أعلم أفاده البناني ، وسكت عن المجنون والمحبوس والحكم لا تزوج بنتهما لرجاء برء الأول وخروج الثاني .

وفي التوضيح إن هذا فيمن يفيق ، وأما المطبق فلا ولاية له . وفي ابن عرفة إن وصي المجنون يزوج بنته كيتيمة ولمحمد انتقال الحق للأبعد انظر الحط .

وشبه في تزويج الأبعد فقال ( ك ) ولي ( ذي رق ) أي رقيق ( و ) ذي ( صغر ) أي صغير ( و ) ذي ( عته ) بفتح العين المهملة والمثناة أي ضعيف العقل وناقص التمييز ( و ) ذي ( أنوثة ) أي أنثى . الشارح يعني أن الأقرب إذا كان متصفا بوصف من هذه الأوصاف انتقلت الولاية للأبعد عنه ، وفي هذا الكلام مع ما يأتي إشارة لشروط الولي وهي ثمانية الذكورة والحرية والعقل والبلوغ ، وعدم الإحرام ، وعدم الكفر للمسلمة ، وعدم السفه مع عدم الرأي ، وعدم الفسق . وبحث فيه بأن الأنثى لا تنتقل ولايتها للأبعد بل توكل كما يأتي له .

الحط مراد المصنف رحمه الله تعالى ذكر شروط الولي بنفي الولاية عمن اتصف بضدها [ ص: 289 ] فهو مشبه بما تقدم في سقوط الولاية لا في الانتقال ، فقد لا يكون هناك غيره وإلا فيشكل ذكره الأنوثة سواء قلنا التشبيه في الانتقال أو في السقوط لأن المرأة إذا لم تكن وصية ولا مالكة ولا معتقة لا يمكن وصفها بالولاية لأن أنوثتها لا تفارقها ، بخلاف العبد والصبي والمعتوه فإن المانع لهم عارض غير ذاتي يرتجى زواله والله أعلم .

( لا ) يزوج الأبعد في ذي ( فسق وسلب ) الفسق ( الكمال ) عن توليه العقد وصيره مكروها فيقدم عليه عدل في درجته . الفاكهاني المشهور أنه لا يسلبها وظاهر كلامهم سواء كان مستترا أو منتهكا . وقال البساطي إنما الخلاف في الفاسق المتستر الذي عنده شيء من الأنفة ، وأما المنتهك الذي لا يبالي بما تنسب إليه وليته فإنه مسلوب الولاية اتفاقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية