صفحة جزء
وإن لم يجده أجل لإثبات عسره ثلاثة أسابيع ، [ ص: 430 ] ثم تلوم بالنظر ، وعمل بسنة وشهر [ ص: 431 ] وفي التلوم لمن لا يرجى وصحح وعدمه : تأويلان ، ثم طلق عليه


( وإن ) دعت زوجها للدخول بها وطلبت حال الصداق ف ( لم يجده ) أي الزوج الصداق غير المعين الذي لها الامتناع من الدخول حتى تقبضه ، وادعى العدم ، ولم تصدقه ولم يثبت ببينة وليس له مال ظاهر ( أجل ) بضم الهمز وكسر الجيم مشددة أي الزوج أي أمهله الحاكم ( لإثبات عسرته ) بضم العين المهملة وسكون السين المهملة ، أي فقر الزوج فيؤجل ( ثلاثة أسابيع ) ظاهره دفعة واحدة ، والذي في المتيطي وابن عرفة يؤجل بثمانية أيام ثم بستة أيام ثم بأربعة ثم بثلاثة أيام .

ابن عرفة ليس هذا التحديد بلازم وإنما هو استحسان لاتفاق قضاة قرطبة وغيرهم عليه ، وهو موكول لاجتهاد الحاكم فإن كان الصداق معينا فسيأتي ، وإن كان له مال ظاهر أخذ المهر منه جبرا عليه ، وأمر بالبناء من غير تأجيل ، وهذا إن لم يدخل بها فإن كان دخل بها فليس لها إلا المطالبة ، ولا يطلق عليه بإعساره به على المذهب ، ولتأجيله ثلاثة شروط ، الأول : أن يأتي بحميل وجه خشية تغيبه وإلا سجن كسائر الديون ، ولا يلزمه [ ص: 430 ] حميل بالمال وإن طلبته بلا تأجيل فلا يلزمه وتترك ، وقعت الفتوى بهذا ، ووافق عليها ابن رشد قاله البرزلي . الثاني : أن لا يغلب على الظن عسره . الثالث : أن يجري النفقة عليها من يوم دعائه للدخول وإلا فلها الفسخ بلا تأجيل على الراجح . قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه ولا يحسب اليوم الذي يكتب فيه الأجل . المصنف لا يبعد أن يختلف فيه كالعهدة والكراء .

( ثم ) إذا ثبت عسره أو صدقته فيه ( تلوم ) بضم المثناة واللام وكسر الواو مشددة أي زيد له في الأجل ( بالنظر ) أي الاجتهاد من الحاكم ، فإن لم يثبت عسره في الأسابيع الثلاثة ولم تصدقه فقد سكتوا عن حكمه والظاهر حبسه إن جهل حاله ليستبرأ أمره قاله الحط وهو موافق لقول المصنف في الفلس ، وحبس لثبوت عسره إن جهل حاله ولم يسأل الصبر له بحميل بوجهه ، ثم قال وأخرج المجهول إن طال سجنه بقدر الدين والشخص . ا هـ . فيجري مثله هنا بل أولى ، لكن يتجه حينئذ أن يقال ما وجه تحديدهم مدة إثبات العسر بثلاثة أسابيع ، ثم إن لم يثبت فيها حبس إلى أن يستبرأ أمره وعدم جريان مثله في المدين ا هـ .

وجوابه أن النكاح مبني على المكارمة فيكارم الزوج بتأجيله بثلاثة أسابيع قبل حبسه مع جهل حاله ، وأما ظاهر الملأ فيحبس إلى أن يأتي ببينة تشهد بعسره حيث لم تطل المدة ، بحيث لا يحصل لها ضرر بذلك وإلا طلقت نفسها ، ومعلوم الملأ يعطيها أو تطلق عليها لبينة بذهاب ما كان بيده فيهمل مدة لا ضرر عليها فيها ا هـ عب . البناني في جوابه نظر فقد مر له نفسه أنه إن لم يعط حميلا بالوجه يحبس في الأسابيع الثلاثة وما بعدها ، وهو الذي في التوضيح وابن عرفة عن المتيطي ، ونقله الحط ، وحينئذ فلا فرق بين الزوج والمدين .

( وعمل ) بضم فكسر عند الموثقين في التلوم ( بسنة وشهر ) ابن عرفة المتيطي وابن فتوح يؤجل أولا ستة أشهر ، ثم أربعة ، ثم شهرين ، ثم يتلوم له بثلاثين يوما ، فإن أتى [ ص: 431 ] بشيء وإلا عجزه ، وإنما حددنا التأجيل بثلاثة عشر شهرا استحسانا ( وفي ) وجوب ( التلوم لمن ) ثبت عسره و ( لا يرجى ) يساره لأن الغيب قد يكشف عن العجائب وهذا تأويل الأكثر ( وصحح ) بضم فكسر مثقلا أي التلوم لمن لا يرجى يسره به أي صوبه المتيطي وعياض .

( وعدمه ) أي التلوم لمن لا يرجى فيطلق عليه ناجزا وتأول فضل المدونة عليه ( تأويلان ثم ) بعد انقضاء الأجل وظهور العجز ( طلق ) بضم فكسر مثقلا ( عليه ) أي الزوج بأن يطلق الحاكم أو الزوجة ثم يحكم الحاكم بلزومه ، فإن طلق عليه بلا تلوم فالظاهر صحته .

التالي السابق


الخدمات العلمية