صفحة جزء
[ ص: 435 ] وفسد إن نقص عن ربع دينار أو ثلاثة دراهم خالصة ، أو مقوم بهما ، [ ص: 436 ] وأتمه إن دخل ، وإلا فإن لم يتمه : فسخ ، [ ص: 437 ] أو بما لا يملك كخمر وحر ، أو بإسقاطه ، أو كقصاص ، [ ص: 438 ] أو آبق ، أو دار فلان ، أو سمسرتها


( وفسد ) النكاح ( إن نقص ) صداقه ( عن ربع دينار ) شرعي وزنه اثنتان وسبعون حبة من وسط الشعير ( أو ) عن ( ثلاثة دراهم ) شرعية وزن كل درهم خمسون وخمسا حبة منه ( خالصة ) من خلطها بغير الفضة ، وكذا ربع الدينار ولم يصرح به فيه لأن الغالب خلوصه ( أو ) عن عرض ( مقوم ) بضم الميم وفتح القاف والواو مشددة ( ب ) أحد ( هما ) أي ربع الدينار أو ثلاثة الدراهم ، فإن ساوت قيمته أحدهما يوم العقد صح النكاح به وإن نقصت عن الآخرة .

ابن عرفة وأكثر المهر لا حد له وقول عمر رضي الله تعالى عنه ورجوعه عنه لإنصافه قصة مشهورة . أبو عمر لم يختلفوا في أكثره لقوله تعالى { وآتيتم إحداهن قنطارا } الآية الباجي عن الجلاب لا أحب الإغراق في كثرته . قلت لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يمن المرأة تسهيل أمرها أو تيسير أمرها وقلة [ ص: 436 ] صداقها ، قالت عائشة رضي الله تعالى عنها وأنا أقول من عندي ومن شؤمها تعسير أمرها وكثرة صداقها } ، أخرجه الحافظان الحاكم وابن حبان واللفظ له وذكر الحاكم أنه على شرط مسلم .

وأقله المشهور ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو ما قيمته أحدهما ، وقيل ما قيمته ثلاثة دراهم فقط . اللخمي هو قول ابن القاسم في نصاب السرقة قال ولابن وهب يجوز بالدرهم والسوط والنعلين ، وعزى المتيطي الثاني لابن شعبان ، وزاد عن ابن وهب في الواضحة يجوز بأدنى درهمين وبما تراضى عليه الأهلون ، وفي نكاحها الأول ولا يزوج الرجل عبده أمته إلا ببينة وصداق ، ومن نكح بأقل أقله أتمه وإلا فسخ فيها إن نكح بدرهمين أو ما يساويهما ، ولم يبن أتم ثلاثة دراهم وإلا فسخ . قلت لم أجزته ، قال لأن من الناس من أجاز هذا الصداق .

( وأتمه ) أي كمل الزوج ما ذكر ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو مقوما بأحدهما ( إن ) كان ( دخل ) بالزوجة قبل الاطلاع على نقص صداقه عما ذكر ولا يفسخ النكاح ( وإلا ) أي وإن لم يدخل خير بين إتمامه ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو مقوما بأحدهما وعدمه ، فإن أتمه فلا يفسخ ( فإن لم يتمه ) أي الزوج المهر ربع دينار إلخ ( فسخ ) النكاح بطلاق لأنه مختلف فيه ، ولزمه نصف ما سماه كما قدمه بقوله وسقط بالفسخ قبله الإنكاح بالدرهمين فنصفهما ، وهذا مخالف لسائر ما يحكم بفسخه قبل البناء من أنه لا يصح إلا بتجديد عقد ، ولا يخفى أن هذا المفهوم مناقض لمنطوق قوله وفسد إن نقص إلخ ، إذ مقتضاه فساده قطعا ابتداء .

وجواب المناقضة أن آخره مقيد لأوله ، أي محل فساده قبل البناء ينقصه مقيد بعدم إتمامه ، فإن أتمه فلا فساد ، وإن كان لا نظير له فيما فسد قبله فإطلاق الفساد عليه تجوز . وأما وجوب إتمامه بعده فظاهر ، وهو مخالف أيضا لما يثبت بعده بصداق المثل ، وملخصه أنه إن بنى لزمه إتمامه ، وإن لم يبن لزمه إتمامه إن أراد البناء ، فإن لم يرده [ ص: 437 ] فسخ إن عزم على عدم إتمامه وإلا فله الخيار ، إلا أن تقوم الزوجة بحقها لتضررها ببقائها على تلك الحالة . ابن عرفة وفي لزوم نصف الدرهمين في فسخه نقلا الباجي عن محمد مع جماعة من أصحابنا والجلاب مع التلمساني وجماعة من المتأخرين . ابن محرز صوب القابسي الأول وابن الكاتب الثاني لأنه فسخ يجبر بخلاف لو طلق لأنه مختار .

( أو ) تزوجها ( بما ) أي بشيء أو الذي ( لا يملك ) بضم المثناة وسكون الميم وفتح اللام أي لا يجوز ولا يصح تملكه شرعا ( كخمر ) وخنزير ولو لذمية تزوجها مسلم لأنها لا تملكها شرعا لخطابها بفروع الشريعة على الصحيح ، وإن لم نمنعها منها فلو قبضتها واستهلكتها فلها بالدخول مهر مثلها عند ابن القاسم ، ولا شيء عليها فيما قبضته واستهلكته . وقال أشهب لها ربع دينار وهو أحسن لقبضها حقها مستحلة له ، وهذا حق الله تعالى .

( وحر ) بضم الحاء المهملة وشد الراء ضد الرق ، فإن أنفقت قبل الفسخ رجعت بعوضها على الزوج كمن باع دارا بالنفقة عليه حياته ، ومثل ما لا يملك ما لا يباع كجلد ضحية وميتة مدبوغ وكلب صيد أو حراسة ، وعبارة الجواهر أو بما لا يباع . طفي وهي أشد من عبارة أو بما لا يملك لاقتضاء هذه الجواز بجلد الميتة المدبوغ وليس كذلك ا هـ . ويجاب بأن هذا تفصيل في المفهوم والله أعلم .

( أو ) وقع العقد ( ب ) شرط ( إسقاطه ) أي الصداق فيفسخ قبل البناء وفيه بعده صداق المثل ، فإن وقع العقد بصداق صحيح ثم أسقط فلا يفسد النكاح وسيأتي ، وإن وهبت له الصداق أو ما يصدقها به قبل البناء جبر على دفع أقله ما لم تقبضه ، ثم تهبه له وبعده أو بعضه ، فالموهوب كالعدم ( أو ) تزوجها بما ليس مالا ( ك ) إسقاط ( قصاص ) ثبت له عليها أو على غيرها بجناية عليه أو على وليه فيفسخ قبل البناء ، ويثبت بعده بصداق مثلها ولا رجوع له في القصاص بنى أم لا ، ويرجع بالدية ، وأدخلت الكاف قراءته لها قرآنا بعد العقد تسمعه أو يهدي ثوابه لها أو لنحو أمها . وأما لو استأجرته [ ص: 438 ] قبل العقد على القراءة بربع دينار أو ثلاثة دراهم أو مقوم بأحدهما وقرأ وترتب له ذلك في ذمتها فتزوجها به فالعقد صحيح وعتقه أمته على أن يجعله صداقها ويعقد عليها ، فإن وقع فسخ قبل الدخول ومضى بعده بصداق مثلها .

( أو ) تزوجها بما فيه غرر شديد كرقيق ( آبق ) بمد الهمز وكسر الموحدة أو بعير شارد أو جنين أو ثمر لم يبد صلاحه على التبقية ( أو دار فلان ) أو رقيقه أو عرضه يشتريه من فلان ويسلمه لها فلا يصح النكاح للغرر الشديد ، إذ قد لا يرضى فلان ببيع شيئه ولو بأضعاف قيمته ( أو ) يتزوجها ب ( سمسرتها ) أي الدار في بيعها إن كانت لها أو شرائها إن كانت لغيرها فلا يصح النكاح للغرر ، إذ قد يسمسر عليها ولا تباع . وأما إن سمسر لها على بيع شيء أو شرائه ولزمتها أجرته وكانت ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو مقوما بأحدهما فتزوجها بها فالنكاح صحيح

التالي السابق


الخدمات العلمية