صفحة جزء
[ ص: 460 ] وفسخ إن وهبت نفسها قبله وصحح أنه زنا


[ ص: 460 ] وفسخ ) بضم فكسر أي النكاح ( إن وهبت ) بضم فكسر أي المرأة ( نفسها ) أي وهبها وليها للزوج ولم يقصد بها إسقاط المهر ولا عقد النكاح ، بل تمليك ذات المرأة للرجل فهو فاسد فيفسخ ( قبله ) أي البناء ويمضي بعده بصداق مثلها ، فهذه غير التي قبلها لأن تلك قصد الولي بها هبة الصداق ، وقصد بهذه هبة نفس المرأة لا إسقاط المهر ولا النكاح . ابن حبيب والحكم فيها أيضا الفسخ قبل البناء ، ويثبت بعده بصداق المثل ، واعترضه الباجي وقال يفسخ قبل البناء وبعده وهو زنا يجب الحد به ، ولا يلحق الولد به وإليه أشار بقوله ( وصحح ) بضم فكسر مثقلا ( أنه ) أي العقد بهبة نفس المرأة ( زنا ) موجب للحد والتفريق بينهما أبدا ولا يلحق به الولد .

ابن عرفة إن أراد الباجي أنه بنى بلا بينة على العقد لا مقارنة ولا ولاحقة فكونه سفاحا لا يختص بعقده بلفظ الهبة ، بل بعمه وغيره وإن أراد أنه بنى بعد بينة عليه فكونه سفاحا بعيد عن أصول المذهب ا هـ . ولنا أن نختار الثاني ونمنع بعد كونه سفاحا عن أصول المذهب ، وسنده أن البينة لم تشهد على النكاح ، بل على تمليك الذات المنافي له فلذا كان سفاحا . وفي قوله نفسها إشارة إلى عدم قصد هبة الصداق والنكاح وإنما قصد تمليك نفس المرأة ، وأما لو وهبها وليها له وقصد بها النكاح وهبة الصداق فهي التي قبل هذه ومذهب المدونة فيها فسخه قبل البناء وثبوته بعده بمهر مثلها وليس كلام الباجي في هذه .

ونص ابن عرفة اللخمي عن ابن حبيب إن عنى بنكاح الهبة سقوط المهر فغير جائز ، فإن أمهرها ربع دينار فأكثر صح وجبرت عليه قبل البناء وبعده ، وإن عنى بالهبة غير النكاح وغير هبة المهر ، بل هبة نفسها فسخ قبل البناء ، وثبت بعده بمهر المثل . اللخمي جعله في الأول بالخيار في إتمامه بربع دينار أو تركها دون غرم . ولأشهب في الموازية لها ربع دينار إن بنى بها وهو أحسن لأن الزائد عليه وهبته . قلت ظاهره أنه خلاف قول ابن حبيب وليس كذلك لتصريح ابن حبيب بربع دينار ، ولا يمكن سقوطه في بنائه . [ ص: 461 ] الباجي عنه إن عنى به غير النكاح لا هبة المهر بل هبة نفسها فسخ قبل البناء ، وثبت بعده بمهر المثل وإن عنى به نكاحا دون مهر لم يجز ، وما أصدقها ولو ربع دينار لزمها قبل البناء وبعده .

الباجي فيما قاله نظر ، والواجب في الضرب الأول كونه سفاحا يحد به ولم يلحق به نسب . قلت إن أراد أنه بنى بها دون بينة على عقدهما لا مقارنة ولا لاحقة ، فكونه سفاحا غير خاص بهذا العقد ، بل هو عام في عقد الهبة وغيره ، وإن أراد أنه بنى بعد بينة عليه فكونه سفاحا بعيد عن أصول المذهب ، وفيها لابن وهب هبة المرأة نفسها لرجل لا تحل لأنه خاص به صلى الله عليه وسلم فإن أصابها فرق بينهما وهو قبولهما المهر بجهالتهما ربيعة يفرق بينهما وتعاض ا هـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية