صفحة جزء
[ ص: 9 ] والحرام : كخمر ، ومغصوب ، وإن بعضا ، ولا شيء له : كتأخيرها دينا عليه ، وخروجها من مسكنها ، وتعجيله لها ما لا يجب قبوله [ ص: 10 ] وهل كذلك إن وجب ، أو لا ؟ تأويلان .


( و ) رد ( الحرام ) حرمة أصلية الذي خالعت الزوجة زوجها به ( كخمر ) وخنزير ( و ) شيء ( مغصوب ) وعارضة لحق الله تعالى كأم ولد إن كان كل المخالع به ، بل ( وإن ) كان ( بعضا ) من المخالع به أي حكم بفسخه شرعا ( ولا شيء له ) أي الزوج عوضا عنه إن علمه وحده ، أو مع الزوجة ، أو لم يعلما معا ، نحو الخمر ، فإن لم يعلما معا المغصوب فعليها مثله ، وإن علمت وحدها فلا طلاق في نحو الخمر إن وقع الخلع على عينه ، وإلا بانت ، وعليها مثله من الحلال كخل وشاة وهل يقتل الخنزير أو يسرح ؟ قولان ، وتراق الخمر ، وهل تكسر أوانيها وتشق زقاقها ، أو لا ؟ خلاف ، فإن تخللت فللزوج ، وإن قال : إن أعطيتني هذا مشيرا لحر عالما حريته فأنت طالق وأعطته إياه فالطلاق رجعي ، فعلم أن " ردت " مبني للمفعول . وأن الراد للدراهم الزوج ، وللقيمة الزوجة ، وللحرام الشرع وفيه استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ; إذ الأول رد للمقبوض لأخذ بدله ، والثاني دفع القيمة ، والثالث فسخ العقد قاله " غ " .

وشبه في الرد فقال ( كتأخيرها ) أي الزوجة ( دينا ) لها حالا ( عليه ) أي الزوج في مقابلة طلاقها ; لأنه تسليف جر لها نفعا بحل عصمتها وتحصلها من سوء عشرته ; لأن تأخير الحال تسليف فيرد التأخير وتستحق دينها حالا وبانت منه ، وكذا تسليفها له ابتداء وتعجيلها دينا له عليها مؤجلا من بيع أو سلف على أن يطلقها ; لأنه تسليف ( و ) كخلعها على ( خروجها ) أي الزوجة ( من مسكنها ) الذي كانت ساكنة معه فيه واعتدادها خارجه فلا يجوز ، ويجب عليهما سكناها فيه إلى تمام عدتها ; لأنه حق الله تعالى فليس لأحد إسقاطه ، وقد بانت منه ، وأما إن خالعته على أنها تدفع أجرته من مالها مع سكناها فيه إلى تمام عدتها فهو جائز لازم ; لأنه حق لها فلها إسقاطه .

( و ) كخلعها ب ( تعجيله ) أي الزوج ( لها ) أي الزوجة ( ما ) أي دينا مؤجلا عليه لها ( لا يجب ) عليها ( قبوله ) منه قبل حلول [ ص: 10 ] أجله كطعام أو عرض من سلم فيبطل التعجيل ; لأنه من باب : حط الضمان ، وأزيدك ; إذ الزوجة حطت عنه ضمان الدين إلى الأجل وزادها عصمتها ويبقى الدين إلى أجله وقد بانت منه فلا رجوع له في العصمة ( وهل كذلك ) أي الخلع بما لا يجب قبوله في الفسخ الخلع بتعجيل ما لها عليه ( إن وجب ) عليها قبوله قبل حلول أجله كعين مطلقا وطعام وعرض من قرض ; لأنه عجله ليسقط عن نفسه نفقة عدتها . وقيل ليسقط عن نفسه سوء الخصومات وسوء الاقتضاءات فهو سلف جر نفعا ، واعترض بقدرته على إسقاطها بطلاقها بلفظ الخلع ( أو لا ) يكون الخلع بتعجيله لها ما وجب عليها قبوله قبل أجله كخلعها بتعجيل ما لا يجب عليها قبوله في المنع ، بل هو جائز ، وطلاقه رجعي ; لأنه كمن طلق وأعطى في الجواب .

( تأويلان ) لقولها عن مالك " رضي الله عنه " : وإذا كان لأحد الزوجين على الآخر مال مؤجل فتخالعا على تعجيله قبل محله جاز الخلع ورد الدين إلى أجله فمنه من حملها على إطلاقها وقال : لا فرق بين ما يجب قبوله وغيره ; لأنه عجل ليسقط عنه نفقة العدة أو سوء الخصومات وسوء الاقتضاءات فهو سلف جر نفعا وحملها بعض على خلافه ، وفصل فقال : الدين الذي لا يجب قبوله لا يجوز الخلع على تعجيله ، والذي يجب قبوله يجوز الخلع على تعجيله لها ولا يرد إلى أجله والطلاق رجعي وليس سلفا جر نفعا لقدرته على خلعها بلا مال بأن يطلقها بلفظ الخلع .

التالي السابق


الخدمات العلمية