صفحة جزء
وعدم نهي ، لا : ككلب صيد


( وعدم نهي ) عن بيعه وإن كان طاهرا منتفعا به مأذونا في اتخاذه ف ( لا ) يصح بيع ما نهي عن بيعه ( ككلب صيد ) وحراسة زرع وبستان وماشية . أبو عمر في تمهيده ، ويجوز اقتناء الكلب للمنافع كلها ودفع المضار ولو في غير البادية من المواضع المخوف فيها السراق . ابن ناجي على قول الرسالة ولا يتخذ كلب في الدور في الحضر ما نصه ما لم يضطر لحفظه فيتخذ حتى يزول المانع ، وقد اتخذ الشيخ ابن أبي زيد كلبا في داره حين وقع حائط منها وخاف على نفسه من الشيعة فقيل له في ذلك ، فقال لو أدرك مالك " رضي الله عنه " عنه زمننا لاتخذ أسدا ضاريا .

واقتصر المصنف على بيع كلب الصيد للخلاف فيه فأولى غيره ، ومنع بيعه قول مالك " رضي الله عنه " ، ورواية ابن القاسم عنه وشهره ابن رشد . وقال ابن كنانة وابن نافع [ ص: 454 ] ويجوز بيعه . سحنون أبيعه وأحج بثمنه . والخلاف في بيع المأذون في اتخاذه . ويمنع قتله ولم يقل أحد بجواز بيع المنهي عن اتخاذه ، ويجوز قتله بل يندب . طفي لم يجعل ابن الحاجب ولا ابن شاس ، ولا المازري ولا ابن عرفة ولا غيرهم عدم النهي شرطا مستقلا في المعقود عليه ، وأدرجوه في شرط كونه منتفعا به وهو الصواب ، إذ ما فقد منه شرط من هذه الشروط كلها منهي عنه كالنجس وغير المنتفع به وغير المقدور عليه . قال في الجواهر وأصله للمازري في المعلم .

الشرط الثاني : أن يكون المبيع منتفعا به فلا يصح بيع بيع ما لا منفعة فيه ; لأنه من أكل أموال الناس بالباطل ، بل لا يصح تملكه ، وفي معناه ما منافعه كلها محرمة إذ لا فرق بين المعدوم شرعا والمعدوم حسا ، وما تنوعت منافعه إلى محللة ومحرمة فإن كانت المنافع المقصودة منه أحد النوعين خاصة كان الاعتبار بها وتبعها الحكم ، وصار النوع الآخر كالمعدوم . وإن توزعت في النوعين فلا يصح البيع ; لأن ما يقابل المحرم منهما من أكل أموال الناس بالباطل ، وما سواه من بقية الثمن مجهول ، وهذا التعليل يطرد في كون المحرم منفعة واحدة مقصودة كما يطرد في كون المنافع كلها محرمة ، وهذا النوع وإن امتنع بيعه للوجهين المذكورين فملكه صحيح لينتفع به مالكه بمنفعته المباحة .

ولو تحقق وجود منفعة محرمة ، ووقع الالتباس في كونها مقصودة منه أم لا فمن الأصحاب من وقف في حكم بيعه ، ومنهم من كرهه ، ومنهم من منعه ، ومن أمثلة هذا الأصل المتسع بيع كلب الصيد فإذا بني الخلاف فيه على هذا الأصل قيل في الكلب من المنافع كذا وكذا ، وعددت منافعه ثم نظر فيها فمن رأى جملتها محرمة منع ، ومن رأى [ ص: 455 ] جميعها محللة أجاز ، ومن رآها منوعة إلى محللة ومحرمة نظر هل المقصود المحرم أو المحلل ، وجعل الحكم للمقصود ولو منفعة واحدة محرمة . ومن التبس عليه المقصود وقف أو كره . ا هـ . ونقلة الحط وكلام المازري ، وقد اعترف في توضيحه في قول ابن الحاجب وفي كلاب الصيد والسباع قولان بأنه راجع للقيد الثاني ، وهو كونه منتفعا به قائلا قال ابن رشد .

والحاصل أن في جعله عدم النهي شرطا مستقلا نظرا ، وقد قال المازري وغيره يشترط في عقد البيع السلامة من المنهيات كلها ، فالعام لا يذكر خاصا فتأمله ا هـ كلام طفي . ابن عاشر كأن المصنف لم يرتض رجوع بيع الكلب لشرط الانتفاع لوجود الانتفاع في كلب الصيد والحراسة ، فبنى حكم بيعه هنا على شرط عدم النهي عن البيع ، وكأنه والله أعلم أراد به ما نهي عن بيعه مما لم يفقد فيه شرط آخر ا هـ . البناني وهو ظاهر ; لأن المازري وابن شاس وغيرهما ذكروا أن مثل ما لا منفعة فيه ما منافعه كلها محرمة كالدم أو جل المقصود منه محرم كالزيت النجس ، بخلاف ما منافعه كلها أو جلها محللة كالزيت فإن كانت المنافع المقصودة منها محلل ومنها محرم ككلب الصيد أشكل الأمر ، وينبغي أن يلحق بالممنوع ا هـ .

ولعل المصنف لم يقنع بأخذه من شرط الانتفاع لإشكاله وخفائه وهو واضح والله أعلم . قوله وأدرجوه أي بيع الكلب لا عدم النهي وإلا نافى ما بعده ، المفيد أن عدم النهي هو العام ، والشروط كلها جزئياته . وقوله فالعام لا يذكر خاصا فيه . { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب } . وقال الفقهاء النهي يقتضي الفساد وسيأتي للمتن وفسد منهي عنه إلا لدليل والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية