صفحة جزء
وجزاف إن رئي [ ص: 477 ] ولم يكثر جدا ، وجهلاه ، وحزرا ،


( و ) جاز بيع ( جزاف ) في المسائل الملقوطة الجزاف مثلث الجيم فارسي معرب ، وهو بيع الشيء بلا كيل ولا وزن ولا عدد . وحده ابن عرفة بأنه بيع ما يمكن علم قدره دون أن يعلم ، والأصل منعه وخفف فيما شق علمه يريد من المعدود وقل جهله من المكيل والموزون إذ لا تشترط المشقة فيهما ( إن رئي ) بضم فكسر أو بكسر الراء وسكون التحتية يليها همز ، أي أبصر حال البيع أو قبله ، واستمرا على معرفته إلى حين بيعه على مختار ابن رشد من جواز بيع الصبرة الغائبة برؤية متقدمة وهو قول ابن حبيب . ابن رشد لو كان المبتاع رأى الصبرة أو الزرع ثم اشترى ذلك صاحبه على رؤيته المتقدمة وهو غائب لجاز ذلك نص عليه ابن حبيب في الواضحة ، وفرق في المدنية من رواية ابن القاسم عن مالك رضي الله تعالى عنهما بين الصبرة والزرع القائم فمنع شراء الصبرة غائبة برؤية متقدمة ، وأجازه في الزرع القائم وهي تفرقة لا حظ لها في النظر فالله أعلم بصحتها .

ابن عرفة وجه المنع أنه يطلب في الصبرة معرفة قدرها زيادة على معرفة صفتها في الحرز حين العقد وللرؤية المقارنة له أثر في ذلك ، ويلزم مثله في الزرع الغائب . الحطاب [ ص: 477 ] الظاهر من المدنية أنه يغتفر عدم حضور الزرع والثمار حال العقد عليهما جزافا لظهور التغير فيهما إن حصل بعد الرؤية المتقدمة ، بخلاف الصبرة ونحوها ، فتبين أنه لا يشترط في الجزاف الحضور مطلقا على قول ابن حبيب الذي اختاره ابن رشد ، وإنما يشترط فيه الرؤية بالبصر سواء كانت مقارنة للعقد أو سابقة عليه ، وعلى ما في المدنية من رواية ابن القاسم عن مالك رضي الله تعالى عنهما يشترط في بيع الجزاف كله حضوره حين العقد ، ويستثنى منه الزرع القائم والثمار في رءوس الشجر ، فقد اغتفر فيهما عدم الحضور إن تقدمت الرؤية ، وبالثاني قرر الحطاب كلام المصنف فقال مراده بالمرئي الحاضر ، كما يفيده كلام ضيح ، ويلزم من حضوره رؤيته كله أو رؤية بعضه ; لأن الحاضر لا يباع بالصفة على المشهور إلا لعسر رؤيته ، كقلال الخل المختومة وفي فتحها مشقة وفساد ، فيجوز بيعها دون فتح .

ابن عرفة شرط رؤيته مع قبول غير واحد قول مالك " رضي الله عنه " فيها ، وكذلك حوائط التمر الغائبة يباع تمرها كيلا أو جزافا وهي على مسيرة خمسة أيام ، ولا يجوز النقد فيها بشرط وإن بعدت جدا كإفريقية من مصر فلا يجوز شراء تمرها فقط ; لأنه يجد قبل الوصول إليه إلا أن يكون تمرا يابسا متناف لاقتضائه جواز بيعها غائبة جزافا ، وفي كون الصفة تقوم مقام العيان في الحزر نظر . ا هـ . وأجيب بأنه لا منافاة ; لأنها إنما تباع برؤية متقدمة إذ لا يجوز بيع الجزاف بصفة قاله عياض ، وذكره ابن عرفة أيضا في موضع آخر .

( و ) إن ( لم يكثر ) المبيع كثرة ( جدا ) بكسر الجيم وشد الدال أي كثرة مانعة من حزر قدره بالكيل أو الوزن أو العد ، فإن كثر جدا منع بيعه جزافا لعدم حزره ، وإن قل جدا فإن كان موزونا أو مكيلا جاز بيعه جزافا ، وإن كان معدودا فلا يجوز بيعه جزافا .

( و ) إن ( جهلاه ) أي العاقدان المبيع أي وزنه وكيله وعدده احترز به عن علمه أحدهما لا عن علمهما لخروجهما حينئذ عن بيع الجزاف ( و ) إن ( حزرا ) أي العاقدان [ ص: 478 ] المبيع أي عرفا قدره بالحزر أي الظن وكانا معتادين للحزر ، ولذا أسقط المفعول ليؤذن بالعموم إن حزرا كل شيء أي اعتاداه وحزر المبيع بالفعل فلا بد من الأمرين .

التالي السابق


الخدمات العلمية