صفحة جزء
[ ص: 22 ] ومبلول بمثله ، ولبن بزبد ، إلا أن يخرج زبده . واعتبر الدقيق في خبز بمثله : .

[ ص: 23 ] كعجين بحنطة أو دقيق . وجاز قمح بدقيق ، وهل إن وزنا ؟ تردد . واعتبرت المماثلة بمعيار الشرع ، .

[ ص: 24 ] وإلا فبالعادة ; فإن عسر الوزن : جاز التحري إن لم يقدر على تحريه لكثرته ، . .


( و ) لا يجوز بيع ( مبلول ) من قمح وفول ونحوهما ( ب ) مبلول ( مثله ) من جنس واحد ربوي لا متماثلين ولا متفاضلين لا كيلا ولا وزنا لعدم تحقق المماثلة في البل إذ من الحب ما يقبل من الماء ما لا يقبله غيره . الحط والفرق بينه وبين المشوي والقديد كثرة اختلاف المبلول ، ومخالفة أسفله أعلاه وقلته في المشوي غالبا ونظر فيه في التوضيح وبينه وبين العفن أن العفن لا صنع لهما فيه ، بخلاف البل وأن المبلول يختلف نقصه إذا يبس ، إذ قد يكون أحدهما أشد انتفاخا من الآخر ، والعفن لا يختلف إذا تساوى العفن قاله ابن يونس ، وفرق عبد الحق بأن المبلول يمكن الصبر عليه حتى ييبس والعفن ليس كذلك .

( و ) لا يجوز بيع ( لبن ) فيه زبد ( بزبد ) ظاهره سواء أريد أخذ اللبن لإخراج زبده أو لأكله وهو كذلك ، وقيده بعضهم بقصد إخراج زبده ، فإن أريد أكله جاز ولم يعتبره المصنف ( إلا أن يخرج ) بضم التحتية وفتح الراء ( زبده ) أي اللبن بخض أو ضرب فيجوز بيعه بالزبد قاله في المدونة ( واعتبر ) بضم المثناة وكسر الموحدة ( الدقيق ) أي قدره ولو بالتحري ( في ) بيع ( خبز بمثله ) الحط ظاهره سواء كان الخبزان مما يحرم التفاضل في أصولهما كقمح وشعير أم لا كقمح ودخن ، وقد ذكر ابن الحاجب هذا القول مطلقا واعترضه في توضيحه ، وذكر أن الباجي قيده بكونهما من صنف واحد . وذكر ابن رشد أنه لا خلاف أن المعتبر الوزن في الخبزين المختلف أصلهما على مذهب من [ ص: 23 ] رأى الأخباز كلها صنفا واحدا .

قال فليس هذا القول على عمومه كما قال ابن الحاجب . ا هـ . وفي الشامل المعتبر الدقيق إن كانا صنفا واحدا وإلا فبوزن الخبزين اتفاقا . وشبه في اعتبار الدقيق فقال ( ك ) بيع ( عجين بحنطة أو ) ب ( دقيق ) فيعتبر قدر الدقيق في المسألتين بالتحري من الجانبين في الأولى ومن العجين في الثانية إن كان أصلهما جنسا واحدا ربويا ، وإلا جاز من غير تحر بالكلية لدقيقهما لكن لا بد من علم قدر العجين ومقابله بالتحري ليقع العقد على معلوم . ( وجاز قمح ) أي بيعه ( بدقيق ) بشرط تماثلهما لأن الطحن لا ينقل ( وهل الجواز إن وزنا ) أي الدقيق والقمح وهو حمل ابن القصار أو الجواز مطلق في الجواب ( تردد ) ابن شاس اختلف في بيع القمح بالدقيق فقيل : بالجواز مطلقا ، وقيل : بنفيه كذلك ، وقيل : بجوازه بالوزن لا بالكيل . وبعض المتأخرين رأى أن هذا تفسير للقولين ، وأن المذهب على قول واحد . وبعضهم أنكر هذا وإلى هذين الطريقين أشار المصنف بالتردد .

غ ابن عبد السلام لما ذكر ابن القصار قولي مالك رضي الله تعالى عنه في بيع القمح بالدقيق جمع بينهما بأن القول بالجواز محمول على الوزن ، والقول بالمنع محمول على الكيل ، وهذا غير صحيح لأنه فسر قول مالك بما نص على خلافه من أن القمح لا يباع وزنا ، فإذا لم يجز بيعه وزنا بالدراهم ونحوها مما هو مخالف لجنسه خشية الغرر للعدل به عن معياره فكيف يجوز بيعه وزنا بما يمنع التفاضل بينه وبينه وهو دقيقه . وأجاب عنه ابن عرفة بأن في بيعه وزنا غررا لأن المعروف كيله والموزون منه مجهول القدر بالكيل فيؤدي إلى جهل قدر المبيع .

والمقصود في مبادلة القمحين مثلا اتحاد قدر ما يأخذ وما يعطي وهو حاصل بالوزن . ( واعتبرت ) بضم الفوقية وكسر الموحدة ( المماثلة ) المشترطة في إبدال ربوي بربوي من جنسه ( بمعيار ) بكسر الميم أي الكيفية الواردة في ( الشرع ) من كيل في الحبوب [ ص: 24 ] ووزن النقود واللحم والسمن والعسل والزيوت فلا يجوز بيع قمح بقمح وزنا ولا ذهب بذهب كيلا ، ولا يشترط في الكيل خصوص المد والصاع والوسق الواردة عن الشارع ، بل العبرة بما وضعه السلطان و اعتاده الناس وإن خالف ذلك بزيادة أو نقص ، ولا يشترط في الوزن الدرهم والدينار والأوقية والرطل الواردة عنه بخصوصها ، بل المدار على ما وضعه السلطان واعتاد الناس الوزن به وإن خالفها بزيادة أو نقص ( وإلا ) أي وإن لم يرد في الشرع وزن ولا كيل في نوع من الربويات كالبصل والثوم والملح والتوابل ( ف ) تعتبر المماثلة فيه ( ب ) معيار ( العادة ) الذي اعتاده الناس في معرفة قدره سواء كان كيلا أو وزنا ، فإن اعتيدا معا في جنس ربوي وتساويا فيه قدر بأيهما وإن غلب أحدهما قدر به .

( فإن عسر ) بضم السين المهملة أي شق ( الوزن ) فيما هو معياره لعدم آلته في سفر أو بادية ( جاز التحري ) لوزنه ( إن لم يقدر ) بضم التحتية وفتح الدال المهملة ( على تحريه ) أي الشيء الذي معياره الوزن ( لكثرته ) جدا . الشارح لعل قوله إن لم يقدر مصحف وأصله إن لم يتعذر تحريه ، أو سقط منه لا قبل أن ، والأصل لا إن لم يقدر على تحريه لكثرته جدا لتوقف صحة الكلام على أحد الوجهين ، ومفهوم عسر الوزن عدم جواز تحري الوزن مع تيسره وهو قول الأكثر . وفي المدونة وابن عرفة جوازه . ابن رشد هذا في المبايعة والمبادلة ابتداء ، وأما من وجب له على رجل وزن من طعام فلا يجوز له أن يأخذه منه تحريا إلا عند الضرورة بعدم الميزان على ما قاله في نوازل سحنون من جامع البيوع ، ومفهوم الوزن عدم جواز تحري الكيل والعدد ولو عسرا ، وهو خلاف ما تقدم في بيع الجزاف من جواز تحري الكيل مطلقا والعد إن عسر . البناني حاصل ما لابن رشد أن ما يباع وزنا فقط من الربوي تجوز فيه المبادلة والقسمة تحريا بلا خلاف ، وما ليس بربوي اختلف في جواز قسمته ومبادلته تحريا موزونا كان [ ص: 25 ] أو مكيلا على ثلاثة أقوال ، أحدها : جوازه فيما يباع وزنا لا كيلا وهو مذهب ابن القاسم فيما حكاه عنه ابن عبدوس . والثاني : جوازه مطلقا وهو مذهب أشهب ، وقول ابن القاسم في العتبية وابن حبيب .

والثالث : عدم جوازه مطلقا وهو الذي في آخر السلم الثالث من المدونة . ا هـ . ومقتضاه ترجيح القول الثالث . ونقل ابن عرفة عن الباجي أن المشهور جواز التحري في الموزون دون المكيل والمعدود رواه محمد وغيره . ا هـ . وهو القول الأول في كلام ابن رشد فالصور أربع . واختلف في واحدة وهو الموزون من غير الربوي . ابن رشد في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم التحري فيما يوزن جائز قيل : فيما قل أو كثر ما لم يكثر جدا حتى لا يستطاع تحريه وهو ظاهر هذه الرواية ، وقيل : لا يجوز ذلك إلا فيما قل ، وإليه ذهب ابن حبيب وعزاه لمالك رضي الله تعالى عنهما ا هـ . .

التالي السابق


الخدمات العلمية