صفحة جزء
إن بين الجميع ; [ ص: 267 ] أو فسر المئونة فقال : بمائة أصلها كذا وحملها كذا ، أو على المرابحة وبين كربح العشرة ، أو أحد عشر ولم يفصلا ماله الربح ، وزيد عشر الأصل ، [ ص: 268 ] والوضيعة كذلك لا أبهم : كقامت علي بكذا ، [ ص: 269 ] أو قامت بشدها وطيها بكذا ولم يفصل ، وهل هو كذب أو غش ؟ [ ص: 270 ] تأويلان


وأفاد شرط جواز بيع المرابحة بقوله ( إن بين ) بفتحات مثقلا أي فصل البائع ابتداء ( الجميع ) أي جميع ما صرفه في المبيع بأن بين ما يحسب ويربح له وما يحسب ولا يربح له وما لا يحسب ، واشترط الربح على الجميع " غ " الشرط راجع لقوله وجاز مرابحة وكأنه حوم على اختصار الخمسة التي ذكرها عياض في التنبيهات إذ قال : لا [ ص: 267 ] يخلو بيع المرابحة من وجه من خمسة ، أحدها أن يبين جميع ما صرفه ما يحسب وما لا يحسب مفصلا ومجملا ، ويشترط ضرب الربح على الجميع فهذا وجه صحيح لازم للمشتري فيما يحسب وما لا يحسب ، ويضرب الربح على جميعه بشرطه ( أو ) أجمل ما صرفه ابتداء ثم ( فسر ) البائع ( المئونة فقال : هي ) أي السلعة قامت علي ( بمائة ) من الدراهم مثلا ( أصلها ) أي ثمنها ( كذا ) أي ثمانون مثلا ( وحملها ) من محل كذا إلى محل كذا ( كذا ) أي خمسة مثلا وصبغها خمسة وطرزها خمسة ، وطيها وشدها خمسة ، وشرط الربح فيما يربح له خاصة عياض الثاني أن يفسر ذلك أيضا ويفسر ما يحسب ويربح عليه وما لا يحسب جملة ثم يضرب الربح على ما يجب ضربه عليه خاصة .

فهذا صحيح جائز أيضا على ما عقداه ( أو قال ) : أبيع ( على المرابحة وبين ) بفتحات مثقلا البائع ما يربح له وهو ثمنها وأجرة ما له عين قائمة وما لا يربح له ، وهو ما زاد القيمة ، وليس له عين قائمة وما لا يحسب ، ومثل للمرابحة فقال : ( كربح العشرة أحد عشر ولم يفصلا ) أي المتبايعان حين البيع ( ما له ربح ) وما لا ربح له عياض الوجه الثالث أن يفسر المؤنة فيقول : هي علي بمائة رأس مالها كذا ، ولزمها في الحمل كذا ، وفي الصبغ والقصارة كذا ، وفي الشد والطي كذا وباعها على المرابحة العشرة أحد عشر أو للجملة أحد عشر ولم يفصلا ولا شرطا ما يوضع الربح عليه مما لا يوضع ، ولا ما يحسب مما لا يحسب في الثمن والمذهب جواز هذا ، وفض الربح على ما يجب له ، وإسقاط ما لا يحسب في الثمن ولما كان قوله العشرة أحد عشر يحتمل غير المراد بين المراد وضابطه فقال : ( وزيد ) بكسر الزاي نائب فاعله ( عشر الأصل ) أي الثمن الذي اشتريت السلعة به ، وما له عين قائمة أي إذا قال بربح العشرة أحد عشر فمعناه أنه يزاد على ماله ربح عشرة ، فإذا كان [ ص: 268 ] الأصل مائة زيد عليه عشرة ، وإن كان مائة وعشرين زيد عليه اثنا عشر ، وليس معناه أن يزاد على العشرة أحد عشر .

فإذا كان الأصل عشرة يصير أحدا وعشرين وشبه في زيادة عشر الأصل في الجملة لأنه في المشبه به يؤخذ وفي المشبه يسقط فقال : ( والوضيعة ) أي الحطيطة من الأصل إن شرطت فهي ( كذلك ) أي ربح العشرة أحد عشر مثلا في أنه يزاد على الأصل عشرة ، ولكن يسقط واحد من المجموع ، فإذا قال : بوضيعة العشرة أحد عشر فمعناه أنه يزاد على العشرة عشرها واحد فتصير أحد عشر ، ويسقط منها واحد فهو جزء من أحد عشر جزءا وهو أقل من العشر الذي هو واحد من عشرة ، وإن قال : بوضيعة العشرة عشرون وضع نصف الأصل وثلاثون وضع ثلثاه وأربعون ثلاثة أرباعه ، وضابطها إن زادت على الأصل أن يجزأ الأصل أجزاء بعدد الوضيعة ، وينسب ما زاده عدد الوضيعة على الأصل إلى عدد الوضيعة ، وبمثل تلك النسبة يحط عن المشتري من تلك الأجزاء ، وإن ساوته أو نقصت عنه فضابطها أن تضمها له وتنسب عدد الوضيعة لمجموعهما ، وبمثل تلك النسبة يحط من الأصل فإن قال : بوضيعة العشرة عشرة فزد على الأصل مثله وانسب الوضيعة لمجموعهما يكن نصفا فأسقط نصف الأصل ، وإن قال : بوضيعة العشرة خمسة فزد على عشرة وانسب خمسة للمجموع تكن ثلثا ، فأسقط ثلث الأصل ابن عبد السلام والأقرب حملها على ما يفهم منها عرفا لأنها حقيقة عرفية لا لغوية البناني .

والعرف عندنا في وضيعة العشرة خمسة ونحوهما تصيير العشرة خمسة بحط النصف ( لا ) تصح المرابحة إن ( أبهم ) أي أجمل البائع ولم يبين ما يربح له وما لا يربح له ولا كون الربح على الجميع ( ك ) قوله ( قامت ) السلعة ( بكذا ) أي مائة مثلا أو ثمنها كذا ولم يفصل ، وباع بمرابحة العشرة أحد عشر لجهلهما أو المشتري الثمن عياض الوجه الرابع أن يبهم ذلك ويجمعه جملة فيقول : قامت علي بكذا أو ثمنها كذا ، وباع مرابحة للعشرة درهم فهذا بين الفساد على أصولهم لأنه لا يدري ما يحسب له من الثمن وما لا يحسب ، وما يضرب له الربح وما لا يضرب ، فهو جهل بالثمن منهما جميعا ، وإن علمه [ ص: 269 ] البائع فالمشتري جاهل به ، وهذه صورة من صور البيوع الفاسدة : وهو عندي ظاهر المدونة ( أو ) قال بائع المرابحة ( قامت ) السلعة ( بشدها وطيها بكذا ) كمائة ( ولم يفصل ) ثمنها وما له عين قائمة وما لا عين له قائمة وما لا يحسب وباعها بربح العشرة أحد عشر مثلا عياض الوجه الخامس أن يبهم ذلك ويجمعه جملة فيقول : قامت فيها النفقة بعد تسميتها فيقول : قامت علي بمائة بشدها وطيها وحملها وصبغها ، أو يفسرها فيقول عشرة منها في مؤنتها ولا يفسر المؤنة فهذه أيضا فاسدة لأنها عادت لجهل الثمن ويفسخ قاله أبو إسحاق وغيره . ا هـ . كلام " غ " البناني لكن لا ينبغي حمل كلام المصنف على الفساد وإن صرح به ابن رشد وعياض ، ونقله عن أبي إسحاق وغيره .

وقال : إنه ظاهر المدونة لذكره التأويلين ، وهما إنما يجريان على صحة البيع ولما ذكر في التوضيح كلام ابن رشد قال بعده : ونص ابن بشير على أن البيع لا يفسد بعدم التبيين . ا هـ . ولما ذكر ابن عرفة التأويلين قال ما نصه ابن رشد : الصواب فسخ هذا البيع لجهل المشتري الثمن . ا هـ . فجعل قول ابن رشد مخالفا لهما طفي وبهذا تعلم أن قول عج يتحتم الفسخ على أنه غش ، واعتراضه على المصنف غير ظاهر ولا سلف له فيه ( وهل هو ) أي الإبهام ( كذب ) أي حكمه حكم الكذب بزيادة في الثمن لزيادته فيه ما لا يحسب فيه ، وحمل الربح على ما لا يربح له ، ويأتي حكم الكذب في قول المصنف وإن كذب لزم المشتري إن حطه وربحه إلخ ، وهذا تأويل عبد الحق وابن لبابة وقاله سحنون وابن عبدوس ومال إليه أبو عمران ( أو ) هو ( غش ) أي حكمه حكم الغش ، وعلى هذا فالحكم هنا أنه يسقط ما يجب إسقاطه ، ورأس المال ما بقي فأتت السلعة أم لا ، ولا ينظر إلى قيمتها هكذا في التوضيح و " ق " عن عياض ، وهذا تأويل أبي عمران على الكتاب ، وإليه مال التونسي والباجي وابن محرز وأنكره ابن لبابة ، ولكن ظاهر المدونة تخيير المشتري مع القيام ، ونصها وإن ضرب الربح على الحمولة ولم [ ص: 270 ] يبين ذلك وقد فات المتاع بتغير سوق أو بدن حسب ذلك في الثمن ولم يحسب له ربح وإن لم يفت رد البيع إلا أن يتراضيا على ما يجوز ا هـ .

فظاهره الخيار مع عدم الفوات ، ويمكن أن يكون المراد بهذا التأويل والله أعلم وقد تبع المصنف أصحاب التأويلين في التعبير هنا بالكذب والغش ، فإصلاح كلامه على خلافه إفساد له ، ولكلام الأئمة وذلك مصرح به في كلام عياض وأبي الحسن ونقله في التوضيح والمواق ، وقد علمت أن ابن رشد قال : بالفساد وإنه خلاف التأويلين المبنيين على الصحة ونص أبي الحسن قال ابن رشد : مسألتان خرجتا عن الأصل في بيع المرابحة لم يحكم فيهما بحكم الكذب ولا الغش ، ولا بحكم العيب إحداهما هذه ، والثانية من باع مرابحة على ما عقد عليه ولم يبين ما نقده والله أعلم في الجواب ( تأويلان ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية