صفحة جزء
[ ص: 92 - 93 ] وصحت وصيته كالسفيه [ ص: 94 ] إن لم يخلط إلى حفظ مال ذي الأب بعده


( وصحت وصيته ) أي الصغير المميز ، وشبه في الصحة فقال ( ك ) وصية ( السفيه ) [ ص: 94 ] أي البالغ الذي لا يحسن التصرف في المال ، لأن الحجر عليهما لأجلهما ولو حجر عليهما فيها لكان لغيرهما ( إن لم يخلط ) بضم التحتية وفتح الخاء المعجمة وكسر اللام مشددة يحتمل أن الفاعل ضمير الصغير المميز المحدث عنه قبل وبعده ، ويحتمل أنه ضمير السفيه لقربه ، وقيده اللخمي به ، ويؤيد هذا عادة المصنف من إرجاع الشرط لما بعد الكاف ، ويحتمل أنه ضمير الأحد أو المذكور الصادق بكل منهما ، وفسر اللخمي عدم التخليط بإيصائه بقربة لله تعالى أو صلة رحم وأبو عمران التخليط بأن يذكر في كلامه ما يبين عدم معرفته ما ابتدأ به . ومفهوم الشرط أنه إن خلط لم تصح وعليه غير واحد ، واختلف في سن من تجوز وصيته فقيل عشر أو أقل بيسير أو سبع وهما لمالك رضي الله تعالى عنه ، أو إذا راهق وهو لابن الماجشون أو ينظر لحال كل بانفراده ، وإليه أشار اللخمي ، واستظهر .

ويستمر الحجر على الصبي بالنسبة لماله ( إلى حفظ مال ذي الأب بعده ) أي البلوغ ، وظاهره انفكاك الحجر عنه بمجرد البلوغ وحفظ المال وهو أحد قولين حكاهما المازري إذ اللازم للحاجر حفظ المال لا التجربة فمالكه أولى . وقيل يشترط زيادة حسن التنمية إذ لو لم يحسنها لأتلف ماله قاله تت . الحط هذا حد الرشد الذي لا يحجر على صاحبه باتفاق . واختلف في الذي يخرج به من الحجر هل هو ذلك أيضا أو يزاد فيه حسن التنمية ، ذكر المازري فيه قولين وظاهر كلام المصنف في التوضيح ترجيح عدم اشتراط الثاني وهو ظاهر كلامه هنا ، وظاهر المدونة اشتراط الثاني ولا يشترط في الرشيد العدالة ، ففي المتيطية وإذا كان اليتيم فاسقا مريدا وكان مع هذا ناظرا في ماله غابطا له وجب إطلاقه من الولاية ، وإن كان من أهل الدين والصلاح ولم يكن ناظرا في ماله فلا يجب إطلاقه منها .

وفي المدونة صفة من يحجر عليه من الأحرار أن يكون يبذر ماله سرفا في لذاته من الشراب والفسق وغيره ، ويسقط فيه سقوط من لا يعد المال شيئا وأما من أحرز [ ص: 95 ] ماله وأنماه وهو فاسق في حاله غير مبذر لماله فلا يحجر عليه ، وإن كان له مال عند وصي قبضه ويحجر على البالغ السفيه في ماله وإن كان شيخا ولا يتولى حجره إلا القاضي ، قيل : وصاحب الشرطة قال القاضي أحب إلي ، ومن أراد أن يحجر على ولده أتى به إلى الإمام يحجر عليه وشهره في الجامع والأسواق ويشهد عليه ، فمن باعه أو ابتاع منه بعده فهو مردود .

عياض : قوله : أحب إلي للوجوب ، وقد قال شيوخنا الحجر : يختص به القضاة دون سائر الحكام لأنه أمر مختلف فيه فيحتاج إلى نظر واجتهاد . ا هـ . والسفه ضده فهو عدم حفظ المال فلا واسطة بينهما ، سواء صرفه في المباحات أو المحرمات قاله في التوضيح ، واعترض قول ابن الحاجب " صرف في اللذات المحرمة " ، قال وقال ابن عبد السلام وغيره هو خلاف ظاهر المذهب ثم ذكر لفظ المدونة ، وقال : قوله وغيره يبين ذلك والله أعلم .

ومعنى قوله إلى حفظ مال ذي الأب بعده أن الصبي لا يخرج من الحجر ببلوغه ، بل هو محجور عليه إلى ظهور رشده ، قال في التوضيح ولا خلاف أنه لا يخرج من الحجر قبل بلوغه وإن ظهر رشده ، فإذا بلغ فإما أن يكون أبوه حجر عليه وأشهد بذلك أم لا ، فإن كان حجر عليه وأشهد به فحكمه كمن لزمته الولاية وإن لم يحجر عليه ، فإن علم رشده أو سفهه عمل عليه ، وإن جهل فالمشهور حمله على السفه . وروى زياد بن غانم عن مالك رضي الله تعالى عنهما حمله على الرشد ا هـ .

وقال ابن رشد : اختلف هل الولد محمول في حياة أبيه على الرشد أو السفه والمشهور أنه محمول على السفه حتى يعلم رشده . ابن عاشر : يستثنى من حجر عليه أبوه في وقت يجوز له ذلك وهو عند أول بلوغه فلا ينفك الحجر عنه وإن كان حافظا للمال إلا بفك الأب . ا هـ . وهو الذي نقله ابن سهل عن ابن العطار ، ونصه وإنما يكون للأب تجديد السفه على ولده قرب بلوغه ، وإذا بعد بأزيد من العام فليس له ذلك إلا ببينة تشهد بسفهه ا هـ .

وقال المتيطي : ليس للأب الحجر على ابنه إلا بأحد وجهين ، إما أن يكون سفيها حين [ ص: 96 ] الحلم أو قريبا منه ، وضرب على يديه وأشهد ببقاء ولايته عليه فذلك جائز له ، ولا يزال الابن باقيا في حجره بذلك إلى أن يرشده أبوه أو يحكم حاكم بإطلاقه ، وعلى هذا بنى أهل الوثائق وثائقهم وانعقدت به أحكامهم ، والوجه الآخر أن يكون الأب أغفل الحجر عليه حتى بعد عن سن الاحتلام فليس له تسفيهه إلا عند الإمام .

التالي السابق


الخدمات العلمية