صفحة جزء
[ ص: 273 ] ولمقيم بينة بأخذ مائة أنها باقية ، إن أشهد بها عند الآخذ ، [ ص: 274 ] أو قصرت المدة :


( و ) إن أخذ أحد المتفاوضين مائة مثلا من مال المفاوضة وادعى ردها له وكذبه شريكه في ردها له وادعى أنها باقية عند أخذها فالقول ( ل ) شريك ( مقيم ) بضم الميم وكسر القاف أي مشهد ( بينة ) على شريكه ( بأخذ مائة ) من مال الشركة ادعى الآخذ أنه ردها له وكذبه شريكه فالقول له في ( أنها ) أي المائة ( باقية ) عند أخذها ( إن شهد ) بضم فكسر ( بها ) أي المائة ( عند الآخذ ) لها من مال الشركة ، سواء طالت المدة بين أخذها وتنازعهما أم لا فلا يبرأ منها إلا بإشهاد على ردها قاله ابن المواز ( أو ) لم [ ص: 274 ] يشهد بها عند أخذها و ( قصرت المدة ) بين أخذها وتنازعهما في ردها ، فإن لم يشهد بها عنده وطالت المدة فالقول للآخذ أنه ردها له .

المصنف الظاهر أن مراد محمد بالإشهاد عند الأخذ قصده للتوثق كالإشهاد على المودع بالفتح عند الإيداع ، فلا تقبل دعوى الرد معه إلا بالإشهاد عليه ، فالأولى إن أشهد بها عنده رباعيا فيها ، وإن مات أحد الشريكين وأقام صاحبه بينة أن مائة دينار من الشركة عند الميت فلم توجد ولم يعلم مسقطها ، فإن قرب موته من أخذها فيما يظن أنه لم يشغلها في تجارة فهي في حصته وما تطاول وقته لا يلزمه ، أرأيت لو قالت البينة أنه قبضها منذ سنة وهما يتجران أيلزمه ا هـ . وفي النوادر عن محمد مثل هذا وبأن محمدا قيده بقوله إن أشهد على نفسه بأخذها شاهدين فلا يبرأ إلا ببينة أنه ردها وإن طال ذلك ، وأما إقراره بلا تعمد إشهاد ولا كتاب فكما قال في صدر المسألة ا هـ .

ابن عرفة انظر قوله ولا كتاب فظاهره أنه إن كان بكتاب فلا يبرأ إلا ببينة ، ووجهه أنه إذا أخذها بكتاب فقد وثق آخذها فلا يبرأ إلا بدليل على البراءة ا هـ . في التوضيح وحاصله أن كلام المدونة مقيد بما إذا لم يشهد ، وأما إذا أشهد على نفسه بأخذها فلا يبرأ إلا بإشهاد بأنه ردها طال ذلك أو قصر ، والظاهر أن مرادمحمد بقوله أشهد كون البينة قصدت للتوثق كالبينة التي لا تقبل معها دعوى رد الوديعة قالوا هي التي تشهد على دفعها للمودع . وأما لو دفع بحضرة قوم ولم يقصد التوثق بشهادتهم فلا ، وهذا الذي يفهم من قول محمد . وأما إن كان إقراره من غير قصد إشهاد فكما ذكر ابن القاسم فيتعين أن قوله أشهد بهمزة في أوله على أنه رباعي ، أي أشهد بها قاصدا التوثق كمسألة المودع وقد نبه على هذا " غ " والله أعلم أفاده الحط .

( تنبيهات ) الأول : علم مما تقدم أن الموجب للضمان هو الإشهاد بأخذها لقصد التوثق ، ولا يسقط بطول لزمان ولو زاد على عشر سنين كما في الوديعة ، فسيأتي في بابها في قوله إلا [ ص: 275 ] كعشر أنه إذا كانت بغير إشهاد مقصود به التوثق . وأما معه فلا يبرأ إلا بدفعها بإشهاد ، فإن مات الشريك ولم يوصي بما أشهد أنه عنده من مال الشركة ولم يوجد فيحمل على أنه عنده . وأما إذا كانت بغير إشهاد أو بإشهاد لم يقصد به التوثق فيكفي في سقوط الضمان بها مضي سنة ونحوها ، بخلاف الوديعة كما سيأتي . وفرق ابن رشد بأن الشريك مأذون له في التصرف فيحمل على أنه ردها بخلاف المودع .

الثاني : علم من هذا إنما يفيد حيث كان المال المشترك تحت يد الآخذ وهو يتصرف فيه ، فيحمل على أنه رد البعض الذي أخذه . وأما لو علم أنه لم يصل إليه فلا يفيد . والظاهر أنه لا فرق بين المائة وجميع المال المشترك إذا أشهد أنه حبسه تحت يده ، فإن كان الإشهاد قصد للتوثق به فلا يبرأ إلا بالإشهاد وإلا فلا .

الثالث : ابن الحاجب ولو أقر الشريك أن بيده مائة من المال المشترك ففرق ابن القاسم بين طول المدة وقصرها ، ولو أشهد أنه أخذها فلا يبرأ إلا بالإشهاد أنه ردها . ا هـ . فلا فرق بين كون الآخذ حيا أو ميتا والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية