صفحة جزء
[ ص: 433 - 436 ] وعجل ، إن عين أو بشرط ، أو عادة ، [ ص: 437 ] أو في مضمونة لم يشرع فيها ، [ ص: 438 - 439 ] إلا كري حج : فاليسير [ ص: 440 ] وإلا فمياومة


( وعجل ) بضم فكسر مثقلا الأجر وجوبا شرطا في الصحة ( إن عين ) بضم فكسر مثقلا الأجر كإجارة رجل لخدمة سنه بعبد معين فيجب تعجيله لأن عدمه يؤدي إلى بيع معين يتأخر قبضه وفيه غرر ( أو ) لم يعين وعقد الإجارة ( بشرط ) لتعجيله فيجب وفاء بالشرط ( أو ) لم يعين ولم يشترط تعجيله ووقعت الإجارة مصحوبة ب ( عادة ) [ ص: 437 ] لتعجيله فيجب لأنها كالشرط ( أو ) لم يعين ولم يشترط تعجيله ولم يعتد ووقعت الإجارة ( في ) منفعة ( مضمونة ) في ذمة المؤجر كإجارة على خياطة ثوب بدرهم ، فيجب تعجيله تخلصا من ابتداء دين بدين إن ( لم يشرع ) العامل ( فيها ) أي المنفعة المضمونة ، فإن شرع فيها فلا يجب التعجيل قاله عبد الوهاب لانتفاء الدين بالدين بناء على قبض الأول كقبض الآخر . الحط قوله أو في مضمونه لم يشرع فيها ، أراد لم يشرع فيها إلا بعد طول ، وأما إن قرب الشروع فيحوز تأخير الكراء ، ويجوز اشتراط ذلك .

المتيطي إن كان المضمون في الكراء إنما هو على أن يأتيه به تلك الليلة أو في الغد فلا بأس باشتراط تأخير الكراء إلى أجل . ابن عرفة العرض المعين أجرا كشرائه فيجب تعجيله ، وفيها لابن القاسم رحمه الله تعالى من اكترى دابة لركوب أو حمل ، أو اكترى دارا أو استأجر أجيرا بشيء بعينه من عرض أو حيوان أو طعام فتشاحا في النقد ولم يشترطا شيئا ، فإن كانت سنة الكراء بالبلد النقد جاز وقضى بنقدها ، وإن لم تكن سنتهم بالنقد فلا يجوز الكراء ، إن عجلت هذه الأشياء إلا أن يشترط النقد في العقد كما لا يجوز بيع ثوب أو حيوان بعينه على أن يقبض إلى شهر ، ويفسخ ذلك ا هـ . ابن يونس العرف كالشرط ، وإن لم يكن لهم سنة راتبة ، وكانوا يكرون بالنقد والنسيئة وأبهموا الكراء ، فأصل ابن القاسم أنه على التأخير لأن عقد الكراء لا يوجب نقد ثمنه إلا أن يكون عرفا أو شرطا وإلا فلا يلزمه أن ينقد إلا بقدر ما ركب أو سكن بخلاف شراء السلع المعينة ، هذه بتمام عقد شرائها يجب عليه تقديمها لأنه ينتقدها فوجب عليه نقد ثمنها والركوب والسكنى لم ينقده ، فوجب أن لا ينقد إلا ثمن ما قبض منه ، فلما كان عقد الكراء لا يوجب انتقاد ثمنه فكأنهما دخلا في الكراء بهذه المعينات على التأخير فوجب فسادا الكراء .

ابن القاسم إن اكترى ما ذكرنا بدنانير معينة ثم تشاحا في النقد ، فإن كان الكراء [ ص: 438 ] نقدا قضى بنقدها وإلا فلا يجوز الكراء إلا بشرط تعجيلها في العقد . وقال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه من استأجر صانعا على عمل عرف أنه يعمله بيده فسأله تقديم الأجرة وهو يقول لا أعمله إلى شهر فلا يصلح تقديم أجرة له حتى يشرع في عمله ، فإن شرع فيه قدمه إليه إن شاء . ابن رشد هذا يدل على أنه لا يجب عليه تقديم الأجرة إلا بشرط أو عرف . وفيها للإمام مالك رضي الله تعالى عنه إذا أراد الصناع والأجراء تعجيل الأجر قبل الفراغ وامتنع رب العمل حملوا على المتعارف بين الناس ، فإن لم يكن لهم سنة فلا يقضي لهم إلا بعد فراغ أعمالهم . وأما في الأكرية في دار أو راحلة أو إجارة بيع السلع ونحوها . فبقدر ما مضى ، وليس للخياط إذا خاط نصف الثوب أخذ نصف الأجرة حتى يتم إذ لم يأخذه على ذلك .

ابن يونس ولأنه لو خاطه كله ثم ضاع الثوب ببينة فلا يكون له أجر عند ابن القاسم ، فكذلك إذا خاط بعضه . ابن رشد الإجارة على عمل معين كنسج الغزل إن كان مضمونا في الذمة فلا تجوز إلا بتعجيل الأجر أو الشروع ، وإن تأخرا كان الدين بالدين فلا تجوز إلا بتعجيل الطرفين أو أحدهما . الحط التعيين تارة يكون في الأجرة وتارة في المنفعة ، ويقضى بتعجيل الأجرة إذا شرط التعجيل ، سواء كانت الأجرة معينة أو مضمونة أو كانت العادة التعجيل فيهما ، وسواء في ذلك المنفعة المعينة والمضمونة ، ويقضى به إذا كانت المنفعة مضمونة ، وتأخر شروعه فيها يومين أو أكثر ، فإن تأخر يوما واحدا جاز التقديم والتأخير ، فقوله إن عين مستغنى عنه لأنه إن شرط أو اعتيد تعجيله صحت ، وقضى به ، وهذا أفاده بقوله أو بشرط أو عادة ، وإن لم يشترط ولم يعتد تعجيله فالإجارة فاسدة كما سيقول ، وفسدت إن انتفى شرط تعجيل المعين ولا يرد هذا على ابن الحاجب لأنه لا يفسد عنده إلا إذا كان العرف التأخير فيحمل قوله يعجل إن كان معينا على ما إذا لم يكن عرف ولا شرط بالتعجيل ، وهذا خلاف قول ابن القاسم ا هـ .

وأجيب عن المصنف بأن الذي يفهم من قوله وفسدت إن انتفى عرف إلخ ، إنما هو صحة العقد مع عرف التعجيل ، ولا يفهم الجبر على الدفع فعرف التعجيل يدفع الفساد [ ص: 439 ] والجبر عليه شيء آخر ، وهو الذي نبه عليه بقوله وعجل إن عين فالأول حق الله تعالى والثاني حق الآدمي ، فقوله وعجل إن عين أي مع شرطه أو اعتياده ، وقوله أو بشرط إلخ في غير المعين ا هـ . البناني وفيه نظر لأنه حينئذ يستغنى عنه بقوله أو بشرط أو عادة كما قال . الحط فالحق في كلام المصنف حمله على ظاهره وأن قوله بشرط إلخ في غير المعين ، وأنه عطف على معنى إن عين أي أو عجل بتعيينه أو بشرط إلخ ، وأن ما أورده الحط لازم له من أن قوله إن عين مستغنى عنه لأن المعين إن اشترط أو اعتيد تعجيله فهو متدرج في قوله بشرط أو عادة ، وإن كان العرف تأخيره أو لا عرف أصلا ، فالإجارة فاسدة كما قال . وفسدت إن انتفى عرف تعجيل المعين والتعجيل فرع صحتها ا هـ . وفيه أنه اعترض بإغناء المتأخر عن المتقدم ، وقد شاع عدم توجهه لوقوع الأول في مركزه ، والله أعلم . واستثنى من المضمون الذي يجب تعجيله ، فقال ( إلا كري ) بفتح الكاف وكسر الراء وشد الياء أي كاري إبل مضمونة في ذمته لركوبها أو الحمل عليها لك ( حج ) من كل موسم له وقت مخصوص لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه قبل وقته ( ف ) لا يجب تعجيل جميع الكراء

ويعجل ( اليسير ) منه وجوبا ويقوم مقام تعجيل الجميع للضرورة لأنه إذا عجل الجميع للكري قبل وقت السفر يخشى هروبهم به وعدم إتيانهم بالإبل وقته فيضيع الكراء على المكتري . ابن المواز قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه من تكارى كراء مضمونا إلى أجل مثل الحج في غير إبانة فلا يجوز أن يتأخر النقد ، ولكن يعجل مثل الدينارين ونحوهما ، وقد كان يقول لا ينبغي إلا بنقد مثل ثلثي الكراء في مثل هذا المضمون إلى أجل ثم رجع وقال قد اقتطع الأكرياء أموال الناس ، فلا ينبغي أن يؤخروهم بالنقد ولينقدوهم الدينار وشبهه . أبو محمد أراد لو كان مضمونا بغير أجل وشرع في الركوب جاز بغير نقد لأن نقد [ ص: 440 ] أوائل الركوب كقبض جميعه ، إذ هو أكثر المقدور عليه في قبضه . ابن يونس يريد أنه إن اكترى كراء مضمونا لا يركب فيه إلا إلى أجل فالنقد فيه جائز ، بل لا يجوز تأخير النقد كله بشرط في هذا المضمون كتأخير رأس مال السلم ، وإنما أجازه مالك ، إذا أخر بعض النقد لأن الأكرياء اقتطعوا أموال الناس فأجاز فيه تأخير بعض الثمن لهذه الضرورة بخلاف تأخير بعض رأس مال السلم . طفي فلا خصوصية للحج ، إذ المسألة مفروضة في الكراء المضمون المؤجل الذي يتأخر الشروع فيه ، وقد نقل في توضيحه كلام الموازية الدال على العموم في كل مضمون مؤجل ، ومع ذلك خص الحج وأخل بالتأجيل ولا بد منه ، إذ لو كان غير مؤجل فلا بد من الشروع أو تعجيل جميع النقد ، إذ لا ضرورة حينئذ والله أعلم .

وقد يقال فرضه في الحج لمجرد التمثيل ومنه علم شرط التأجيل ، والله أعلم . الحط لو أدخل الكاف على حج لكان أشمل المتيطي روى أبو زيد عن ابن القاسم ذلك في الكراء المضمون ولم يذكر الحج ، ونصه تعجيل النقد في الكراء المضمون إلى أجل هو الأصل ، ولا يجوز تأخيره بشرط ، واختلف في تعجيل بعضه وتأخير باقيه دون شرط ، فقال مالك رضي الله تعالى عنه فيمن أكرى إلى الحج في غير إبانه ليخرج في إبانه لا بأس أن يقدم منه الدينار والدينارين ، ولا يجوز غيره . وروى أبو زيد عن ابن القاسم ذلك في الكراء المضمون ، ولم يذكر الحج ، وقال كم كري قد هرب بالكراء ، وروى ابن المواز عن مالك كراهة تأخير النقد إلا أن ينقد أكثره أو ثلثيه ، وقال أشهب مثله ، ثم قال قد اقتطع الأكرياء أموال الناس فلا بأس أن ينقده الدينار والدينارين على ما رجع إليه مالك أراد في غير الحج . وفي التوضيح عن الموازية مثل الحج في غير إبانه واليسير الدينار والديناران على ما رجع إليه مالك ، والله أعلم .

( وإلا ) أي وإن لم يكن الأجر معينا ولم يشترط تعجيله ولم يجربه العرف ولم تكن المنفعة مضمونة لم يشرع فيها بأن كانت معينة أو مضمونة شرع فيها ( فمياومة ) [ ص: 441 ] بضم الميم فمثناة تحتية وفتح الواو ، أي كما استوفى المستأجر منفعة يوم تعين عليه دفع أجرته ، ولا يجب عليه تعجيل شيء قبله . الحط وهذا عند المشاحة ، وإلا فيجوز التقديم والتأخير صرح بذلك في البيان ، ونقله ابن عرفة .

( تنبيهات )

الأول : يعترض على المصنف بمثل ما اعترض به على ابن الحاجب في قوله فإن لم يكن شرط ولا عادة أخذ مياومة بأن ظاهر كلامه يتناول الصناع ، بل الإجارة في العراق مقصورة عليها . والمذهب أن الصانع لا يستحق الأجرة عند الإطلاق إلا بعد تمام العمل . ا هـ . ففيها إذا أراد الصناع والأجراء تعجيل الأجرة قبل الفراغ ، وامتنع رب العمل حملوا على المتعارف بين الناس ، فإن لم تكن لهم سنة فلا يقضى لهم إلا بعد فراغ أعمالهم وأما في الأكرية في دار أو راحلة أو في إجارة بيع سلعة ونحوه فبقدر ما مضى ، وليس للخياط إذا خاط نصف القميص أخذ نصف الأجرة حتى يتم ، إذ لم يأخذ على ذلك .

الثاني : محل جواز التقديم والتأخير في المنفعة المعينة إذا شرع في العمل أو تأخر نحو عشرة الأيام وإن طال فلا يجوز تقديم الأجرة . ابن رشد الإجارة على شيء بعينه مثل نسج الغزل وخياطة الثوب على قسمين مضمونة في ذمة الأجير ، فلا تجوز إلا بتعجيل الأجر أو الشروع في العمل أو تعجيلهما ومعينة في عينه فتجوز بتعجيل الأجر ، وتأخيره على أن يشرع في العمل ، فإن لم يشرع إلى أجل فلا يجوز النقد إلا عند الشروع في العمل . ا هـ . وتأخير الشروع إلى يومين لا يضر قاله في المدونة . أبو الحسن وإلى عشرة أيام فعلى هذا إذا كان العمل معينا على أن لا يشرع فيه إلى أجل ، وكان الأجر شيئا معينا فالإجارة فاسدة لاقتضاء تعين الأجر وجوب التقديم وتأخير الشروع وجوب التأخير ، والله أعلم .

الثالث ابن رشد إن صرح بكون العمل مضمونا كأستأجرك على كذا في ذمتك إن شئت عملته بيدك أو بغيرك أو معينا ، كأستأجرك على عمل كذا بنفسك فلكل منهما [ ص: 442 ] حكمه ، وإن لم يصرح بواحد منهما ، وظاهر لفظه أنه مضمون كأعطيتك كذا على خياطة هذا الثوب حمل على المضمون اتفاقا إلا أن يعرف أنه يعمله بيده ، أو كان عمله بيده ، أو كان عمله بيده مقصودا لرقته وإحكامه ، وإن كان ظاهره التعيين كأستأجرك على خياطة هذا الثوب أو على أن تخيطه ، ففي حمله على المضمون أو المعين قولان المشهور حمله على المضمون إلا أن يعلم أنه يعمله بيده أو يقصد عمله بيده لدقته وإحكامه .

الرابع : ابن يونس كره مالك رضي الله تعالى عنه نقد الكراء في السفن لأنه لا يجب إلا بالبلاغ ، وجوزه ابن نافع ، وقال له من الكراء بحسب ما قطع . فإن عطبت قبل البلاغ وادعيت النقد صدق عليك لأن الأصل عدمه ولا يشهد بعضهم لبعض . وقيل تجوز كما في قطع الطريق ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية