صفحة جزء
[ ص: 441 - 442 ] وفسدت ، إن انتفى عرف تعجيل المعين : كمع جعل ، [ ص: 443 ] لا بيع وكجلد لسلاخ ، [ ص: 444 ] أو نخالة لطحان ، وجزء ثوب لنساج أو رضيع وإن من الآن


( وفسدت ) الإجارة بشيء معين ( إن انتفى ) منها ( عرف تعجيل ) الأجر ( المعين ) بضم الميم وفتح العين والياء مثقلة بأن كان العرف تأخيره أولا عرف بأحدهما بأن جرى العرف بهما معا ، هذا مذهب ابن القاسم . وقال ابن حبيب تصح في الوجهين . ابن يونس لأن العرف كالشرط ، وإن لم تكن لهم سنة راتبة ، وكانوا يكرون بالنقد والنسيئة وأبهموا الكراء ، فأصلابن القاسم أنه على التأخير لأن عقد الكراء لا يوجب تقديم ثمنه إلا أن يكون عرفا أو بشرط ، وإلا فلا يلزمه أن ينقد إلا بقدر ما ركب أو سكن ، بخلاف شراء السلع المعينة هذه بتمام عقد شرائها يجب عليه نقد ثمنها .

وشبه في الفساد فقال ( ك ) إجارة ( مع جعل ) في عقدة واحدة فيفسد إن على المشهور لتنافي أحكامهما . ابن عرفة اختلف في البيع والجعل في عقد واحد . ابن رشد لا يجتمع الجعل والإجارة لأن الإجارة لا تنعقد إلا معلوما في معلوم ، والجعل يجوز في المجهول فهما مختلقا الأحكام متى جمعا فسدا ، وعن سحنون إجازة المغارسة مع البيع وهو من هذا المعنى . الحط لا يجوز اجتماع الإجارة مع السلف ، ففيها إن دفعت إلى حائك غزلا ينسجه لك ثوبا بعشرة دراهم على أن يسلفك فيه رطلين من غزل فلا يجوز ، [ ص: 443 ] لأنه سلف وإجارة . ابن يونس الإجارة بيع فيها ما يحرم فيه ، وقد ورد النهي عن بيع وسلف .

( لا ) تفسد الإجارة المجتمعة ( مع بيع ) في عقد واحد لاتفاقهما في الأحكام . تت شمل كلامه صورتين إحداهما : كونهما في محل واحد كشرائه جلودا على أن يخرزها له البائع خفافا . والثانية : كونهما في محلين كشرائه جلودا بكذا على أن يخيط البائع ثوبا فيجوز على المشهور فيهما . فيها لا بأس باجتماع بيع وإجارة ، وقال سحنون كذلك إلا في المبيع . ابن رشد قول مالك وابن القاسم إن البيع والإجارة جائزة في المبيع وغيره إلا أنه يشترط إذا كانت الإجارة في المبيع أن يكون مما يعرف وجه خروجه ، أو أمكنت إعادته كالصفر على أن يعمله البائع قدحا . الحط أطلق رحمه الله تعالى في هذا ، وفيه تفصيل ، فإن كانت الإجارة في غير الشيء المبيع فذلك جائز ، وإن كانت الإجارة في الشيء المبيع بأن باع له جلودا على أن يحذوها البائع نعالا للمشتري ففي التوضيح عن ابن عبد السلام فيها قول مشهور بالمنع . خليل هو قول سحنون في النوادر ، وهو خلاف قول ابن القاسم وأشهب في العتبية ، سئل سحنون عن البيع والإجارة فقال جائز في غير ذلك الشيء بعينه . ابن رشد هذا معلوم مشهور من مذهب سحنون أن البيع والإجارة في الشيء المبيع عنده لا يجوز على حال ، ومذهب ابن القاسم وروايته عن مالك " رضي الله عنه " وهو الصحيح أنه إن كان ذلك فيما يعرف وجه خروجه كبيعه ثوبا على أن على البائع خياطته أو قمحا ، على أن على البائع طحنه أو فيما لا يعرف وجه خروجه

وتمكن إعادته كبيعه صفرا على أن على بائعه صياغته قدحا ، فإن كانت فيما لا يعرف وجه خروجه ولا تمكن إعادته للعمل كبيعه غزلا ، على أن على البائع نسجه أو الزيتون على أن على البائع عصره أو الزرع ، على أن على البائع حصده ودرسه وما أشبه ذلك ، فلا يجوز باتفاق ا هـ . وعطف على كمع جعل المشبه في الفساد مشبها آخر فيه فقال : ( وك ) إجارة على سلخ ب ( جلد لسلاخ ) بفتح السين وشد اللام فهي فاسدة للغرر بتقطع الجلد حال سلخه [ ص: 444 ] و ) إجارة على طحن ب ( نخالة ) بضم النون وإعجام الخاء ( لطحان ) للغرر للجهل بقدرها وصفتها . فيها لا تجوز الإجارة على سلخ شاة بشيء من لحمها . ابن شاس لو استأجر السلاخ بالجلد والطحان بالنخالة فلا يجوز . ابن عرفة الجلد يجري على ما تقدم في بيعه والنخالة تجري على حكم الدقيق ، وفيها تجوز الإجارة على طحن إردب حنطة بدرهم وقفيز من دقيقه ، لقول مالك رضي الله تعالى عنه ما جاز بيعه جازت الإجارة به . ابن عبد السلام ظاهر كلام ابن الحاجب أنه لا فرق بين كون الشاة حية أو مذبوحة وهو كذلك ، ولعله إنما منع لأن السلاخ لا يستحقه إلا بعد سلخه ، ولا يدري هل يخرج سليما من القطع أو لا ، وفي أي جهة يكون قطعه ، وأتى بالكاف ليدخل اللحم ، وانظر لو استأجره برأس أو بالأكارع والظاهر أنه إن استأجره على الذبح فقط أو عليه ، وعلى السلخ فلا يجوز لأنه لا يدري هل تصح ذكاته أم لا ، وإن استأجره على السلخ بعد الذبح فذلك جائز لأنه لا غرر فيه ، والله أعلم قاله الحط .

( و ) كإجارة ب ( جزء ثوب لنساج ) على النسج لجهل صفته بعد خروجه . فيها وإن أجرته على دبغ جلود وعملها أو نسج ثوب على أن له نصف ذلك إذا فرغ فلا يجوز . ابن القاسم لأنه لا يدري كيف يخرج ، ولأن مالكا رضي الله تعالى عنه قال ما لا يجوز بيعه لا يجوز أن يستأجر به . ابن المواز الإمام مالك رضي الله تعالى عنه إلا إن قال لك نصف الغزل على أن تنسج لي نصفه ، فيجوز ، وفهم من قوله وجزء ثوب أنه لو استأجر بجزء الغزل أو الجلد أو الجلود قبل الدبغ لجاز وهو كذلك إن شرط تعجيله ، أو عرف وإلا فسدت .

( أو ) إجارة على إرضاع بجزء ( رضيع ) رقيق أو بهيم إن كان لا يملكه إلا بعد فطامه ، بل ( وإن كان ) على أن يملكه ( من الآن ) أي وقت عقد الإجارة . ابن الحاجب لو أرضعت بجزء من الرضيع الرقيق بعد الفطام فلا يجوز . ابن عرفة لم أعرف هذه المسألة [ ص: 445 ] بشخصها إلا للغزالي ، وهي نحو ما في المدونة من وأجرته على تعليم عبدك الكتاب سنة وله نصفه ، فلا يجوز ، إذ لا يقدر على قبض ماله فيه قبل السنة ، وقد يموت الرضيع فيها فيذهب إرضاعه باطلا . أبو محمد وكذلك لو كان الشرط فيه أن يقبض المعلم نصفه الآن على سنة فلا يجوز .

" غ " كأنه لم يقف على قول ابن رشد في مختصر المبسوطة ، سئل ابن كنانة عمن يعطي فصيله لمن يغذيه بناقته ويكون الفصيل بينهما ، فقال لا بأس بذلك إذا ابتدأ له بساعة يدفعه له ، قال ابن القاسم لا خير فيه ، وقوله وإن من الآن خاص بمسألة الرضيع ، وهو خلاف قول ابن الحاجب بعد الفطام ، لكنه على قول أبي محمد في مسألة المدونة المذكورة ، ولو كان الشرط فيه أن يقبض المعلم نصفه الآن على أن يعلمه سنة فلا يجوز . ابن عبد السلام لعل سبب ذلك أن الصبي لما كان معينا ولو تعذر تعليمه بموت أو غيره ، فلا يلزم ربه خلفه صار نقد الأجرة فيه كالنقد في الأمور المحتملة بشرط ، وعلى هذا التقدير فسواء كانت الأجرة جزاء منه أو غير ذلك ، ويشاركه في هذا مسألة الرضيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية