صفحة جزء
[ ص: 136 - 138 ] ورجع ، إن انقطع لأقرب فقراء عصبة المحبس ، وامرأة لو رجلت عصب ، [ ص: 139 ] فإن ضاق : قدم البنات ، [ ص: 140 ] وعلى اثنين ، وبعدهما على الفقراء نصيب من مات لهم [ ص: 141 - 143 ] إلا كعلى عشرة حياتهم ، فيملك بعدهم .


( ورجع ) الحبس المؤبد ( إن انقطع ) ما حبس عليه ( لأقرب فقراء عصبة المحبس ) يوم الرجوع على المشهور ، ولا يشاركهم أغنياؤهم ، ولو أخذ فقراؤهم منه ما صاروا به أغنياء وفضل فهو لهم . وقيل لغيرهم من الأغنياء ( و ) ل ( امرأة ) فقيرة قريبة للواقف ( لو رجلت ) بضم الراء وكسر الجيم مثقلة ، أي فرضت رجلا ( عصب ) بفتحات مثقلا ، أي كان عاصبا كالبنت والأخت وبنت الأخ والعمة وبنت العم وبنت المعتق لا الخالة وبنت البنت والجدة لأم ، فإن لم يكن له قريب رجع للفقراء . ابن الحاجب إذا لم يتأبد رجع بعد انقطاعه جهته ملكا لمالكه أو وارثه ، وإذا تأبد رجع إلى عصبة المحبس من الفقراء ، ثم للفقراء من سماع ابن القاسم من حبس على معينين ثم على أولادهم من بعد انقراض جميعهم فوجب أن يكون حظ من مات منهم لأولاده لا لإخوته ، بخلاف لو حبس على معينين ثم على غير أولادهم ففيه ثلاثة أقوال في المدونة .

ابن عرفة فيها إن قال حبس عليك وعلى عقبك قال مع ذلك صدقة أم لا ، فإنها ترجع بعد انقراضهم لأولى الناس بالمحبس يوم المرجع من ولد أو عصبة ذكورهم وإناثهم ، سواء يدخلون في ذلك حبسا ، ولو لم تكن إلا ابنة واحدة كانت لها حبسا لا يرجع إلى المحبس ، ، ولو كان حيا وهي لذوي الحاجة من أهل المرجع دون الأغنياء ، فإن كانوا كلهم أغنياء فهي لأقرب الناس بهم من الفقراء .

ونصها عند ابن يونس مالك " رضي الله عنه " من قال هذه الدار حبس على فلان وعقبه أو عليه وعلى ولده وولد ولده ، أو قال على ولدي ، ولم يجعل لها موضعا فهي موقوفة لا تباع ولا [ ص: 139 ] توهب وترجع بعد انقراضهم على أولى الناس بالمحبس يوم المرجع ، وإن كان المحبس حيا قيل لابن المواز من أقرب الناس بالمحبس الذين يرجع إليهم الحبس بعد انقراض من حبس عليهم ، قال قال مالك " رضي الله عنه " : على الأقرب من العصبة ومن النساء من لو كانت رجلا كانت عصبة للمحبس فيكون ذلك عليهم حبسا .

قال مالك " رضي الله عنه " ولا يدخل فيه ولد البنات ذكرا كان أو أنثى ولا بنو الأخوات ولا زوج ولا زوجة . ابن القاسم إنما يدخل من النساء مثل العمات والجدات وبنات الأخ والأخوات أنفسهن شقائق كن أو لأب ، ولا يدخل الإخوة والأخوات لأم . محمد واختلف في الأم فقال ابن القاسم تدخل في مرجع الحبس . قلت : فإن كان ثم من سميت من النساء وثم عصبة معهن والنساء أقرب . ابن القاسم مالك " رضي الله عنه " يدخلون كلهم إلا أن لا يكون سعة فليبدأ بإناث وذكور ولده على العصبة ، ثم الأقرب فالأقرب ممن سميت ، وكذلك العصبة الرجال يبدأ بالأقرب فالأقرب ، وإذا لم يكن إلا النساء كان كله لهن على قدر الحاجة إلا أن يفضل عنهن .

محمد أحسن ما سمعت أن ينظر إلى حبسه أول ما حبس ، فإن كان إنما أراد المسكنة وأهل الحاجة جعل مرجعه لذلك على من يرجع ، فإن كانوا أغنياء فلا يعطون منها ، وإن كان إنما أراد مع ذلك القرابة وأثرتهم رجع عليهم ، وأوثر أهل الحاجة إن كان فيهم أغنياء قاله مالك ( رضي الله عنه ) وإن كانوا كلهم أغنياء فهي لأقرب الناس بهؤلاء الأغنياء إذا كانوا فقراء . محمد فإن لم يكن فيهم فقير ردت إليهم إذا استووا في الغنى ، وكان أولاهم فيها الأقرب فالأقرب والذكر والأنثى سواء في المرجع ، فإن اشترط أن للذكر مثل حظ الأنثيين فلا شرط له ; لأنه لم يتصدق عليهم ألا ترى أنه لو لم يكن أقعد به يوم المرجع إلا أخت أو ابنة لكان لها وحدها ، وكذلك إذا كان معها ذكر كان بينهما شطرين .

( فإن ضاق ) الحبس الراجع لأقرب فقراء عصبة المحبس ولامرأة رجلت عصب عن العصبة والبنات ( قدم ) بضم فكسر مثقلا ( البنات ) على العصبة . محمد فإن كان ثم من [ ص: 140 ] سميت من النساء وهن أقرب . ابن القاسم مالك " رضي الله عنه " يدخلون كلهم إلا أن يكون سعة فليبدأ بإناث ولده على عصبته ثم الأقرب فالأقرب ( و ) إن وقف ( على ) شخصين ( اثنين ) معينين كزيد وعمرو أو هذين ( وبعدهما ) أي الاثنين يكون وقفا ( على الفقراء ) يكون ( نصيب من مات ) من الاثنين ( لهم ) أي الفقراء لا لرفيقه ، هذا اختيار ابن رشد .

ابن الحاجب لو حبس على زيد وعمرو ثم على الفقراء فمات أحدهما فحصته للفقراء إن كانت غلة ، وإن كانت كركوب دابة وشبهه فروايتان . ابن عرفة تؤخذان من قولي مالك فيها من حبس حائطا على قوم معينين فكانوا يلونه ويسقونه ومات أحدهم قبل طيب الثمرة فجميعها لبقية أصحابه ، وإن لم يلوا عملها ، وإنما تقسم الغلة عليهم فنصيب الميت لرب النخل ، ثم رجع مالك رضي الله تعالى عنه إلى رد ذلك لمن بقي ، وبهذا أخذ ابن القاسم .

قلت ففي نقل حظ معين من طبقة بموته لمن بقي فيها أو لمن بعدها القولان بالأول أفتى ابن الحاج ، وبالثاني أفتى ابن رشد وألف كل منهما على صاحبه . تت البساطي هذا اختيار ابن رشد ، وهو الحق ، فإن قوله وبعدهما يحتمل أنه أراد به بعد كل واحد منهما يحتمل أنه أراد به بعدهما معا والأول أرجح من وجهين : أحدهما احتياج الثاني إلى مقدر يتوقف عليه معناه ، أي مجموعهما بخلاف الأول ، والثاني أن بعدية الميت أولا لم تفد شيئا فلا حاجة إلى جمعهما في الضمير وظاهر كلام المصنف كان الحبس مما يتجزأ بالقسمة كغلة الحائط أو لا كركوب دابة وسكنى دار ، وهو كذلك على إحدى الروايتين ، والأخرى أن تجزأ صرفا للفقراء وإن لم يتجزأ فلرفيقه . ابن عبد السلام وقد كثر فيها اضطراب المتقدمين ، وكذا بين فقيهين . ابن رشد وابن الحاج وألف كل منهما على صاحبه . [ ص: 141 ] ابن عرفة من حبس على فلان ثم على عقبه من بعده وعقب عقبه ، ففي دخول [ ص: 142 ] عقب العقب مع العقب لعطفه عليه بالواو وكونه بعده على الترتيب لأجل تقديم العطف يتم فتوى ابن القاسم وأصبغ وابن الحاج مع ابن رشد .

واحترز المصنف عما لو قال هو وقف على فلان وعقبه أو على بني تميم ، فإنه إن بقي واحد منهم فله الجميع . عج يؤخذ من هذا أن قوله تحجب الطبقة العليا الطبقة السفلى ، معناه أن كل أصل يحجب فرعه فقط دون فرع غيره ، ويجري هذا أيضا في الترتيب بين الأصول وفروعهم نحو على أولاد فلان ثم أولاد أولاده ، وهذا حيث لم يجر عرف بخلافه وإلا عمل به ; لأن ألفاظ الواقف تبنى على العرف .

البناني بهذا أفتى ابن رشد ، وخالفه عصريه ابن الحاج وحاصله أنه إذا مات واحد من الطبقة العليا عن أولاد ، فقال ابن رشد يكون حظه لأولاده بناء على أن الترتيب في الوقف باعتبار كل واحد وحده ، أي على فلان ، ثم ولده وعلى فلان ثم ولده وهكذا ، [ ص: 143 ] فكل من مات انتقل حظه لولده ، فكل واحد من الطبقة العليا إنما يجب فرعه دون فرع غيره ، وقال ابن الحاج بل يكون حظ من مات من العليا لبقية إخوته بناء على أن الترتيب باعتبار المجموع ، أي لا ينتقل للطبقة الثانية حتى لا يبقى أحد من الطبقة الأولى و الله أعلم .

واستثنى من قوله ورجع إن انقطع لأقرب فقراء عصبة المحبس فقال ( إلا ) إذا وقف على عدد محصور ، وحد وقفه عليهم بمدة صريحا أو تلويحا ( ك ) وقف ( على ) أشخاص ( عشرة ) مثلا عينهم وسماهم أو قال هؤلاء ( حياتهم ) أو ما عاشوا ، فلا يكون مؤبدا . ويقسم بينهم بالسوية ، ومن مات منهم فنصيبه لباقيهم ، ولو واحدا وإن ماتوا جميعا ( فيملك ) بضم التحتية وسكون الميم وفتح اللام الوقف ، أي يملكه الواقف إن كان حيا أو وارثه إن كان ميتا ( بعدهم ) أي العشرة . اللخمي إن قال حبس على هؤلاء النفر وضرب أجلا أو قال حياتهم رجع ملكا اتفاقا ، واختلف إن لم يسم أجلا ولا حياة . أبو عمر من حبس على رجل بعينه ولم يقل على ولده ولا جعل له مرجعا ، فاختلف فيه عن الإمام مالك رضي الله تعالى عنه أصحابه المدنيون بأنه يرجع إلى ربه ملكا والمصريون برجوعه لأقرب فقراء عصبته حبسا .

التالي السابق


الخدمات العلمية