صفحة جزء
[ ص: 396 ] وإن أعمى في قول [ ص: 397 - 398 ] أو أصم في فعل ;


بل ( وإن ) كان ( أعمى ) فتقبل شهادته ( في قول ) الحط شهادة الأعمى في القول المشهور جوازها ، وشهادته في غير الأقوال لا تجوز ، وهذا فيما تحمله بعد العمى . وأما ما تحمله قبل العمى من غير القول فظاهر كلام بعض أصحابنا كالمصنف في التوضيح وابن عبد السلام وابن فرحون أنها لا تجوز ; لأنهم نقلوا المذهب ، ثم قالوا وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه تجوز فيما تحمله قبل العمى ، فدل هذا على أن المذهب عدم التفصيل .

وفي النوادر قال ابن أبي ليلى وأبو يوسف رضي الله تعالى عنهما ما شهد عليه قبل العمى يقبل . سحنون " رضي الله عنه " لا فرق بين ذلك ; لأنه حال شهادته أعمى . ا هـ . فظاهر كلام سحنون أن مذهبنا لا تقبل ، سواء تحملها بعد عماه أو قبله ، وصرح الشيخ سليمان البحيري في شرح الإرشاد بأنه إذا تحملها قبل عماه تقبل ، ونصه عند قول صاحب الإرشاد وتقبل من [ ص: 397 ] الأعمى فيما لا يشتبه عليه من الأقوال قال في شرح العمدة معناه تجوز شهادة الأعمى على الأقوال إذا كان فطنا ، ولا تشتبه عليه الأصوات . ويتيقن المشهود له والمشهود عليه ، فإن شك في شيء منها فلا تجوز شهادته ولا تقبل في المرئيات إلا أن يكون تحملها بصيرا ثم عمي وهو يتيقن عين المشهود عليه ويعرفه باسمه ونسبه .

طفى لا خصوصية للقول فتجوز فيما عدا المرئيات من المسموعات والملموسات والمذوقات والمشمومات . عبد الوهاب تقبل على ما لمسه بيده أنه حار أو بارد أو ناعم أو خشن وفيما ذاقه أنه حلو أو حامض وفيما شمه . ابن فرحون هذا يظهر معناه في الأيمان وتعليق الطلاق ونحوه ، فإن حلف رجل بالطلاق أن لا يشرب حلوا أو حامضا فيشهد عليه به فيلزمه ، وخص المصنف القول كغيره ; لأن الملموس والمذوق والمشموم يستوي فيها الأعمى وغيره ، فهي محل اتفاق ، وإنما الخلاف في المسموع فمذهب مالك " رضي الله عنه " جوازها ، ومذهب الشافعي والحنفي والجمهور رضي الله تعالى عنهم منعها ، ومثار الخلاف هل يحصل له علم ضروري أن هذا صوت فلان أم لا ، وسواء تحملها عندنا أعمى أو بصيرا ، ومنعه الحنفي في الوجهين ، وأجازها الشافعي إذا تحملها بصيرا ثم عمي . وأما شهادته في الأفعال ونحوها من المرئيات فلا تجوز ، فإن تحملها بصيرا ثم عمي جازت إن تيقن عين ما شهد عليه وعرفه باسمه ونسبه كما نص عليه في شرح الإرشاد وهو ظاهر . وقول " ح " وأما ما تحمله من الشهادة على غير الأقوال قبل العمى فظاهر كلام بعض أصحابنا كالمصنف وابن عبد السلام وابن فرحون أنها لا تجوز لنقلهم المذهب أولا ، ثم قالوا وقال الشافعي " رضي الله عنه " تجوز فيما تحمله قبل العمى ، فدل هذا على أن المذهب عدم التفصيل وهم ; لأن التفرقة إنما ذكروها في الأقوال كما تقدم ، ونقلوا المذهب بجوازها ، ثم قالوا وقال الشافعي إلخ ولم يتعرضوا للأفعال فلا دليل له في كلامهم . ونص ابن عبد السلام اختلف العلماء في قبول شهادة الأعمى فأجازها مالك " رضي الله عنه " على الأقوال ، ومنعها أبو حنيفة " رضي الله عنه " ، وقال الشافعي " رضي الله عنه " تجوز فيما أدركه قبل عماه [ ص: 398 ] وترد فيما أدركه بعده ، وهذا الخلاف مبني على أنه هل يمكن حصول العلم بالتكرار للأعمى بأن هذا صوت فلان أم لا . ا هـ . ونحوه لابن فرحون ، ولم يذكر المصنف في توضيحه هذه التفرقة ، فذكره مع من فرق سهو . قوله وفي النوادر إلخ لا دليل له فيه ; لأن كلامه في الأقوال لا في الأفعال ، ومذهبنا لا فرق في الجواز ، وقصد سحنون بقوله لا فرق الرد على ابن أبي ليلى وأبي يوسف في التفرقة بأن العمى الذي اعتبراه موجود حين القبول وتبعه عج ، والكمال لله تعالى .

( أو ) كان العدل ( أصم ) فيقبل إذا شهد ( في فعل ) رآه بعينه .

التالي السابق


الخدمات العلمية