صفحة جزء
ولا إن جر بها نفعا : كعلى مورثه المحصن [ ص: 421 ] بالزنا ، أو قتل العمد إلا الفقير ; أو بعتق من يتهم في ولائه ، أو بدين لمدينه ، [ ص: 422 ] بخلاف المنفق للمنفق عليه ، وشهادة كل للآخر وإن بالمجلس [ ص: 423 ] والقافلة بعضهم لبعض ; في حرابة


( ولا ) تقبل الشهادة ( إن جر ) الشاهد ( بها ) أي الشهادة ( نفعا ) لنفسه ( ك ) شهادة فقير ( على مورثه المحصن بالزنا أو قتل [ ص: 421 ] العمد ) العدوان فلا تقبل لاتهامه بقصد قتله ليرثه . وخرج بالمحصن البكر وبالعمد الخطأ فتقبل لعدم التهمة . وقيد أشهب عدم القبول بكون المشهود عليه غنيا واعتمده المصنف فقال ( إلا ) المورث ( الفقير ) فتقبل شهادة وارثه عليه بالزنا أو قتل العمد لعدم التهمة ( أو ) شهادة ( بعتق من ) أي رقيق ( يتهم ) بضم التحتية الشاهد ( في ) الاختصاص ب ( ولائه ) عن الإناث من ورثة معتقه والرقيق ذو مال ، فإن لم يتهم فيها لعدم الإناث في الورثة أو عدم مال الرقيق فتقبل الشهادة بعتقه . ابن عرفة في ثاني عتقها إن شهد وارثان أن الميت أعتق هذا العبد ، فإن كان معهما نساء والعبد يرغب في ولائه فلا تجوز شهادتهما ، وإن كان لا يرغب في ولائه أو لم يكن معهم نساء جازت شهادتهما . ( أو ) شهادة ( بدين لمدينه ) أي الشاهد فلا تقبل لاتهامه بقصد أخذه في دينه الذي على المشهود له ، وظاهره كان المشهود له غنيا أو فقيرا اتحد الدينان في الصفة أو اختلفا كان الدين حالا أو مؤجلا . ومفهوم بدين أن شهادته له بغير المال مقبولة وهو كذلك قاله غير واحد من الأشياخ . وفي العتبية من سماع ابن القاسم جواز شهادة رب الدين للمدين ابن القاسم بلغني عن مالك رضي الله تعالى عنه أنها تقبل إذا كان المدين موسرا ، وإن كان معسرا فلا تقبل . ابن رشد هذا الذي بلغه هو تفسير ما سمعه مجملا ، وهذا إذا كان الدين حالا أو قريب الحلول ، وأما إن بعد فجائزة كما لو كان مليا وكأن المصنف لم يعتبر قول ابن رشد أنه تفسير . قاله تت .

طفى فيه نظر ; لأنه إذا لم يعتبر قول ابن رشد أنه تفسير يكون قول ابن القاسم بالجواز مطلقا ، وما بلغه خلافا له ، فأين مستند المصنف بالمنع مطلقا ، فلا بد من القيد وهو ظاهر ابن شاس وابن الحاجب ، وأنه لا خصوصية للشهادة بالدين ، ولذا قال ابن مرزوق لو قال أو بمال لمدينه المعدم أو الملد لجمع القيود كلها . ا هـ . ونوقش ببقاء قيد الحلول [ ص: 422 ] أو قربه ، وعذر تت متابعة التوضيح التابع لقول ابن عبد السلام في المسألة ثلاثة أقوال : ردها مطلقا ، وعزاه لابن القاسم ، وجوازها مطلقا لأشهب ، ولبعضهم التفرقة بعد المليء والمعدم وتبعهما في الشامل ، وفيه نظر ، إذ لم أجد المنع مطلقا لابن القاسم ، وعلى كلام ابن رشد المتقدم اقتصر ابن عرفة ولم يحك فيها خلافا ، ولعلهما لم يقفا على كلام ابن رشد بدليل عزوهما التفرقة لبعضهم وهو في كلام ابن رشد لمالك فيما بلغ ابن القاسم ، وذلك كله في العتبية ، وقد أشار " ح " لما قلناه ، والله أعلم .

( بخلاف ) شهادة الشخص ( المنفق ل ) لشخص ا ( لمنفق عليه ) فإنها تقبل قريبا كان أو أجنبيا . ابن عرفة الصقلي ابن حبيب إن كان المشهود له في عيال الشاهد جازت شهادته له إذ لا تهمة . بعض المتأخرين وإن كانت المشهود له من قرابة الشاهد كأخيه انبغى أن لا تجوز شهادته له بمال ; لأنه وإن كانت نفقته لا تلزمه فإنه يلحقه بعد نفقته عليه وصلته معرة ، وإن كان المشهود له أجنبيا جازت شهادته له . الصقلي هذا استحسان ، ولا فرق بين القريب والأجنبي في رواية ابن حبيب ، والمسألة مقيدة بما إذا أنفق عليه لا ليرجع عليه ، وإلا فهي مما دخل في قوله أو لمدينه بدين . الحط وأما شهادة المنفق عليه للمنفق فلا تقبل كما نقله الشارح عنها ، ونقل في المسائل الملقوطة أنها مقبولة إذا كان مبرزا ، وذكر نصها وقال عقبه لعل صوابه المنفق للمنفق عليه وهي صورة المصنف وإلا فهو مشكل ، والله أعلم . ( و ) بخلاف ( شهادة كل ) من الشاهدين ( للآخر ) فإنها تقبل ، سواء شهد الثاني للأول على المشهود عليه أو على غيره إن كانت شهادة الثاني للأول بغير المجلس الأول ، بل ( وإن ) شهد الثاني للأول ( بالمجلس ) الأول هذا هو المشهور ، وقول ابن القاسم ابن عرفة سمع أبو زيد ابن القاسم إن شهد رجلان كل منهما لصاحبه بعشرة دنانير على رجل في مجلس واحد جازت شهادتهما إن كانا عدلين . ابن رشد في صحة شهادة المشهود له لمن شهد له في مجلس واحد وسقوطها . ثالثها إن كانت على رجلين ، وإن كانت في مجلسين جازت على رجلين ، وفي جوازها على رجل واحد قولان .

[ ص: 423 ] اللخمي عن الأخوين إن كانت على رجل واحد في مجلس واحد لم تجز ، وإن كانت شيئا بعد شيء . جازت ولو تقارب ما بين الشهادتين ، وإن كانت على رجلين جازت ، وإن كانت بمجلس واحد أرى رده جميعا ولو كانت على رجلين بمجلسين لفظا أو بكتاب لتهمتهما إلا أن يطول ما بينهما . المازري إن شهد رجلان بدين على رجل لرجلين شهدا لهما بدين عليه بمجلسين جازت ولو تقاربا ، وإن كانت بمجلس واحد ففي سقوطها نص قول الأخوين ، وظاهر قول أصبغ ثم ذكر اختيار اللخمي وأقره تت تلخص من كلامه منطوقا ومفهوما صور :

الأولى أن يشهد الشاهد على رجل بأن عليه لفلان عشرة دراهم ويشهد فلان المشهود له بأن للمشهود عليه للشاهد عشرة دراهم بمجلس واحد ، ففي هذه الصورة اتحد المشهود عليه والمشهود به والزمان والمكان ، فقال فيهما مطرف وابن الماجشون لا تقبلان ، وظاهر كلام المصنف قبولهما وهو ظاهر كلام ابن القاسم

. الثانية : تعدد المشهود عليه وباقيها بحاله ، والمذهب قبولها ، ورأى اللخمي عدمه . الثالث : تعدد المجلس والباقي بحاله ، وهي كالتي قبلها فيما تقدم . وحكى المازري الاتفاق فيها ولم يعتبر رأي اللخمي .

الرابعة : اختلاف الكل وطول الزمان ولم يعلم خلاف في قبولها فيها . ( و ) بخلاف شهادة ( القافلة بعضهم لبعض في حرابة ) على المحاربين فتقبل مع العداوة للضرورة ، وظاهره كانوا عدولا أو لا . وفيها إن كانوا عدولا وسواء شهدوا بمال أو قتل أو غيرهما . طفى قوله وظاهره كانوا عدولا أو لا ، ليس هذا ظاهر كلام المصنف ; لأن كلامه في مقبول الشهادة . البناني وهذا إذا شهدوا في حرابة . وأما إن شهد بعضهم على بعض في معاملة ففي " ق " روى الأخوان عن الإمام مالك وجميع أصحابه رضي الله تعالى عنهم أنها جائزة للضرورة بمجرد توهم الحرية والعدالة في ذلك السفر وحده ، وإن لم تتحقق العدالة ، وعليه درج في التحفة إذ قال :

ومن عليه وسم خير قد ظهر زكي إلا في ضرورة السفر

[ ص: 424 ] ابن عرفة فيها تجوز على المحاربين شهادة من حاربوه إن كانوا عدولا ، إذ لا سبيل إلى غير ذلك شهدوا بقتل أو أخذ مال أو غيره ، ولا تقبل شهادة أحد منهم لنفسه ، وتقبل شهادة بعضهم لبعض . وسمع يحيى بن القاسم إن شهد مسلوبون على أن هؤلاء سلبونا هذه الثياب والدواب وهي قائمة بأيديهم أقيم عليهم بشهادتهم ولا يستحقون المتاع ولا الدواب إلا بشهيدين سواهما . ابن رشد قيل هذه مخالفة لما فيها ، إذ لم يقل يحلف كل منهما مع شهادة صاحبه ويستحق حقه على قبيل قوله في سرقتها أنه يقام على المحاربين الحد ويعطون المال بشهادة بعضهم لبعض .

وقيل ليست مخالفة له ومعنى السماع أنهما شريكان في المتاع والدواب ، فلذا سقطت شهادة أحدهما للآخر . وقيل يستحقان الدواب والمتاع وإن كانا شريكين فيهما وهو الآتي على رواية مطرف في أن شهادة شهيدين من المسلوبين على من سلبوهم جائزة في الحد والمال لأنفسهما ولأصحابهما ; لأنها إذا جازت في الحد جازت في المال لأنفسهما ولغيرهما ، إذ لا يجوز بعض الشهادة ويرد بعضها . وقيل لا تجوز في حد ولا في مال لغيرهما ، إذ لم تجز لأنفسهما ; لأن من اتهم في بعض شهادته ردت كلها ، وهذا قول أصبغ . ثم قال ففي صحتها في الحد والمال ولو لأنفسهما وردها فيهما ولو بالمال لغيرهما . ثالثها في الحد والمال لغيرهما لا لأنفسهما ، ثم قال ورابعها لا تجوز من أقل من أربعة فتجوز في الحد وفي أموال الرفقة ولا في أموال الشهداء . هذا كله إن كان ما شهدوا به لأنفسهم كثيرا ، وإن كان يسيرا لا يتهمون عليه جازت لهم ولغيرهم لا يدخل فيه الاختلاف الذي في الوصية لموضع الضرورة ، ولو شهدوا عليهم بالسلب دون المال جازت عليهم في الحد وبعضهم لبعض بعد ذلك فيما وجد بأيديهم من المال اتفاقا فيهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية