صفحة جزء
إلا الصبيان ، لا نساء في كعرس ، في جرح ، أو قتل ، والشاهد حر ، مميز ، [ ص: 442 ] ذكر تعدد ، ليس بعدو ، ولا قريب ، ولا خلاف بينهم ، وفرقة إلا أن يشهد عليهم قبلها ، [ ص: 443 ] ولم يحضر كبير ، [ ص: 444 ] أو يشهد عليه ، أو له


( إلا الصبيان ) فتجوز شهادة بعضهم لبعض على بعض . اللخمي والمازري وهو معروف مذهب الإمام مالك " رضي الله عنه " وأصحابه إلا ابن عبد الحكم ، وعلى الأول جماعة من الصحابة وغيرهم وعلى الثاني أبو حنيفة والشافعي وأحمد " رض " أجمعين .

( لا نساء ) اجتمعن ( في كعرس ) ومأتم وحمام فلا تقبل شهادتهن ولو لبعضهن على بعضهن في قتل أو جرح وصححه ابن الحاجب وشهره في التوضيح ومقابله للجلاب وفرق للمشهور بأن اجتماع الصبيان مشروع للتدريب ، والغالب عدم حضور العدول معهم فلو لم تعتبر شهادة بعضهم لبعض عن بعض لأدى ذلك لهدر دمائهم واجتماع النساء غير مشروع وتعتبر شهادة الصبيان ( في جرح ) من بعضهم لبعض ( وقتل ) كذلك لا في غيرهما عند ابن القاسم ، وهو المشهور . ابن عرفة الباجي إذا جوزت في القتل فقال غير واحد من أصحاب مالك " رضي الله عنه " لا تجوز حتى يشهد العدول على رؤية البدن مقتولا . ابن رشد رواه ابن القاسم عن مالك رضي الله تعالى عنهما وقاله غير واحد من أصحابه رضي الله تعالى عنهم .

( والشاهد ) منهم ( حر ) لا قن ولا ذو شائبة للغو شهادة الرقيق الكبير فالصغير أولى [ ص: 442 ] مميز ) أي يفهم الخطاب ، ويحسن رد الجواب ويضبط ما يشاهد . الخرشي ومنها أن يكون مميزا وأن يبلغ عشر سنين أو ما قرب منها ; لأن غيره لا يضبط ما يقول ولا يثبت على ما يفعل لا غير مميز " غ " قوله مميز أعم مما حكى اللخمي عن عبد الوهاب من اشتراط كونه ممن يفعل الشهادة . ابن عرفة كقوله في المدونة ويجوز شهادة ابن عشر سنين وأقل مما يقاربها ا هـ . بقي هذا الشرط عليه كما بقي على ابن الحاجب على أنه أشار في التوضيح للاستغناء عنه بالتمييز ، وليس بظاهر . ( ذكر ) لا أنثى ولو تعددت مع ذكر ( تعدد ) الشاهد فلا تعتبر شهادة الواحد ( ليس ) الشاهد ( بعدو ) للمشهود عليه . البساطي سواء كانت العداوة بين الصبيان أو بين آبائهم ; لأن الموروثة أشد من الطارئة ( ولا قريب ) للمشهود له . الخرشي ظاهره أن مطلق القرابة مانع فتشمل العمومة والخؤولة ولا يشترط كونها أكيدة كما ارتضاه الجيزي .

( ولا خلاف ) أي اختلاف ( بينهم ) أي الصبيان في كيفية الشهادة ، فإن اختلفوا فيها بأن قال اثنان قتله فلان ، وقال آخران قتله فلان الآخر ، أو قال اثنان لاثنين أنتما قتلتماه فقال المشهود عليهما للشاهدين ، بل أنتما قتلتماه فلا تقبل ( ولا فرقة ) بضم الفاء وسكون الراء ، أي تفرق بينهم قبل أداء الشهادة ، فإن افترقوا قبلها فلا تقبل لاحتمال تعليم بالغ لهم خلاف ما وقع بينهم ، وأمرهم بكتم الواقع لدفع الضرر أو جلب النفع ( إلا أن ) بفتح الهمز وسكون النون حرف مصدري صلته ( يشهد ) عدلان ( على ) شهادت ( هم ) أي الصبيان ( قبلها ) أي الفرقة فالمعتبر شهادتهم الأولى التي سمعها منهم العدلان ولو رجعوا عنها بعد افتراقهم . في المدونة تجوز شهادتهم ما لم يفترقوا أو يخببوا أي يعلموا ابن عرفة مقتضاها أنهما غير مترادفين ، ونصه شرط ابن الحاجب في شهادتهم كونها قبل تفرقهم . ابن عبد السلام هذا مراد الفقهاء بقولهم ما لم يخببوا ، فإن افتراقهم مظنة اختلاطهم [ ص: 443 ] بمن يلقنهم ما تبطل به شهادتهم . قلت مقتضى قولها تجوز شهادة الصبيان ما لم يتفرقوا ويخبوا مع اختصارها . أبو سعيد كذلك إنهما غير مترادفين ، وكذا لفظ اللخمي قبل تفرقهم وتخبيبهم ، ولفظ إذا شهدوا قبل أن يتفرقوا ويخببوا

فإن افترقوا وأمكن تخبيبهم فلا تقبل شهادتهم ونحوه لفظ ابن فتوح قال ومعنى يخببوا يعلموا ا هـ . ( ولم يحضر ) معهم شخص ( كبير ) أي بالغ ، فإن حضر معهم كبير فلا تقبل شهادتهم ; لأنه إن كان عدلا أغنت شهادته عن شهادتهم ، وإن كان غيره يتهم بتخبيبهم . الحط أطلق رحمه الله الكبير فظاهره سواء كان ممن تجوز شهادته أو ممن لا تجوز شهادته فيفهم أن علة عدم قبول شهادة الصبيان مع حضور الكبير خوف تخبيبهم ، وذلك أنه إذا أحضر معهم كبير تجوز شهادته فشهادتهم ساقطة على المشهور خلافا لسحنون ابن الحاجب لا تقبل شهادتهم مع حضور كبير رجل أو امرأة . في التوضيح لم يخالف في ذلك إلا سحنون في أحد قوليه ا هـ . واختلف في علة سقوط شهادتهم هل هو خوف التخبيب أو الاستغناء بشهادة الكبير ، ثم قال ابن الحاجب فإن كان فاسقا أو كافرا أو عبدا فقولان في التوضيح ، أي الكبير الحاضر إن كان ممن لا تجوز شهادته كالكافر والفاسق والعبد ، فقال مطرف وابن الماجشون وأشهب لا يضر حضورهم بشهادة الصبيان . المازري لا خلاف فيه منصوص عندنا وقاله سحنون ، ثم توقف فالقول بعدم الإجازة على هذا ليس بمنصوص إلا أنه لازم على القول بأن العلة التخبيب ، بل هو في حق هؤلاء أشد ، والأول مبني على التعليل بارتفاع الضرورة بشهادة الكبير ا هـ .

ثم قال وجعل الرجراجي القول الثاني منصوصا ، ونصه إذا حضر كبير فإن كان شاهدا فإن كان عدلا فلا خلاف أن شهادة الصبيان ساقطة لوجود الكبير العدل ، وإن كان ليس بعدل فالمذهب على قولين ، أحدهما أن شهادتهم جائزة وهو قول ابن الماجشون وأصبغ ، وروى ابن سحنون عن أبيه مثله ، والثاني أن شهادتهم لا تجوز لحضور الكبير وإن كان ليس بعدل وهو قول ابن سحنون عن أبيه ، وإن كان مشهودا عليه [ ص: 444 ] فلا تجوز شهادتهم عليه باتفاق ، وكانت شهادتهم في الجراح أو في النفس إن كان عاش حتى يعرف ما هو فيه ، وإن مات من ساعته جازت شهادتهم له ، وصرح ابن يونس بالقول الثاني ونصه بعد حكاية قول مطرف وابن الماجشون وأصبغ ، وهذا خلاف ما في كتاب ابن المواز ; لأنه قال فيه إنما يتقى من الكبير أن يعلمهم أو يخببهم فلا تراعى في ذلك الجرحة . ا هـ . ونقله أبو الحسن ، وزاد فقال وحاصله قولان فنظر مطرف ومن معه إلى رفع الضرورة وإذا كان الكبير غير عدل لم ترتفع الضرورة ، ونظر ابن المواز للتخبيب والتعليم وهو في غير العدل أكثر .

( أو يشهد ) الصبيان ( عليه ) أي الكبير لصغير ( أو ) يشهد الصبيان ( له ) أي الكبير على الصغير فلا تقبل الشهادة في الصورتين ، فالشرط شهادتهم لبعضهم على بعضهم عب الضميران للكبير كما في الشارح ، وبقي من الشروط أن لا يكون الشاهد منهم معروفا بالكذب ابن عرفة الأظهر اعتبار منع الكذب قبول شهادة من عرف به منهم . تت سكت عن شرط الإسلام وهو متفق عليه لعلمه من بطلان شهادة الكافر البالغ بالأولى . وقال " غ " تضمن شرط الحرية شرط إسلامه ، وتبعه عب ، فلا تقبل شهادة صغار أهل الذمة ، ولا فرق بين كون المشهود عليه حرا أو عبدا ، وكذا المجني عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية