صفحة جزء
[ ص: 450 ] وإلا فعدل ، وامرأتان ، أو أحدهما بيمين : كأجل ، وخيار ، وشفعة ، وإجارة ، وجرح خطإ ، أو مال ، وأداء كتابة ، وإيصاء بتصرف فيه ، أو بأنه حكم به : كشراء زوجته [ ص: 451 - 453 ] وتقدم دين عتقا ، وقصاص في جرح


( وإلا ) أي وإن لم يكن المشهود به ليس مالا ولا آيلا إليه ، بأن كان مالا أو آيلا إليه ( ف ) يكفي فيه ( عدل وامرأتان ) بلا يمين ( أو أحدهما ) أي العدل والمرأتين ( بيمين ) يحلفها المشهود له على أن ما شهد به العدل أو المرأتان حق صحيح ، ومثل لما ليس مالا ولا آيلا إليه بقوله ( كأجل ) لثمن أو مثمن أو قرض ( وخيار ) في بيع لأحد المتبايعين ( وشفعة ) أي ما يتعلق بها من أخذ أو ترك وإسقاط أو غيبة الشفيع ونحو ذلك ( وإجارة ) وبيع وكراء ( وجرح ) بفتح الجيم مضاف ل ( خطأ أو ) جرح ( مال ) وهو العمد الذي لا يقتص منه لخشية التلف كجائفة وآمة ( وأداء ) نجوم ( كتابة وإيصاء بتصرف فيه ) أي المال ( أو بأنه ) أي الحاكم ( حكم له ) أي الطالب ( به ) أي المال فيثبت بشاهد وامرأتين أو أحدهما ويمين الشارح ، ومثل لذلك بقوله ( كشراء زوجته ) الرقيقة لغيره فيكفي فيه عدل وامرأتان أو أحدهما ويمين ; لأنه مال ، وإن ترتب عليه فسخ النكاح . البساطي معنى قوله أو بأنه حكم له به أن الحاكم إذا حكم لشخص بمال ثم أراد تنفيذه عند إنكار الخصم كفى فيه الشاهد وامرأتان ، وليست هذه مسألة إنهاء الحاكم لغيره ، [ ص: 451 ] وجعلها الشارح مثالا ، ولا أدري معنى قوله على هذا التقرير انظر الكبير ، ونصه ولعل اختلافهما نشأ عن قوله في توضيحه عند قول ابن الحاجب .

وأما الشهادة بالقضاء بمال فالمشهور لا تمضي فصلها ; لأنها عكس ما قبلها ; لأن الشهادة فيما قبلها على مال وتئول إلى غيره ، وهذه بالعكس . والتي قبلها في ابن الحاجب الشهادة على أداء نجوم الكتابة بأن يشهد شاهد بأداء آخر نجم ، وينكر السيد ويحلف المكاتب مع شاهده فيثبت الأداء ; لأنه مال ويترتب عليه العتق ، وليس بمال . ومعنى كلام ابن الحاجب إن ادعى رجل على آخر أن القاضي حكم له عليه بمال فأنكر فأقام عليه شاهدا به ، فهل له أن يحلف مع شاهده المشهور لا ، وتعقب ابن عبد السلام حكاية الخلاف في الشهادة على حكم القاضي ، قال والذي حكاه الباجي وغيره أن القولين في كتاب القاضي بشاهد ويمين ، وذلك أنه حق ليس بمال ويئول إلى مال .

وأما دعوى أحد الخصمين على الآخر أن القاضي حكم عليه بمال ، فدعوى بمال حقيقة لا ينبغي أن يختلف فيها ورد بأن الخلاف أيضا موجود في حكم القاضي حكاه فضل ، والقول بقبول الشهادة لمطرف وأصبغ ومقابله لابن القاسم وابن الماجشون لا يقبل فيه إلا شاهدان ; لأنه من وجه الشهادة على الشهادة ، وأخذ به ابن حبيب ، ولعل ابن الحاجب شهره إما لأخذ ابن حبيب به ، وإما ; لأنه قول ابن القاسم ، وإما لكون الشهادة فيه باشرت مالا وإما للمجموع ا هـ . " غ " قول أو بأنه حكم له به ، أي وكذا يثبت حكم القاضي بالمال بشاهد وامرأتين [ ص: 452 ] أو بشاهد ويمين أو بامرأتين ويمين ، فليس كشراء زوجته تمثيلا ، ولكنه تشبيه لإفادة حكم . طفى أراد الشارح بقوله ومثل لذلك بقوله كشراء زوجته أن الشيء يكون غير مال ولا آيل له ، لكنه يحكم له بحكم المال فيكفي فيه شاهد وامرأتان أو أحدهما ويمين ، ونصه وأشار بقوله أو بأنه حكم له به إلى أن ما ليس بمال ولا آيل له إذا انتقل بالشهادة لذلك ، أي المال ، فإنه يكفي فيه الشاهد والمرأتان أو أحدهما مع يمين ، وذلك مثل أن يشهد على الزوج أنه اشترى زوجته شاهد وامرأتان أو شاهد مع يمين أو امرأتان مع يمين ، فتصير ملكا له ، فيجب بذلك فراقها ، وكذلك على دين متقدم يرد به العتق أو يقيم القاذف شاهدا وامرأتين على أن المقذوف عبد فيسقط الحد ، وإنما زاد الشيخ القصاص في الجرح وإن كان ليس بمال ولا آيل له ولا مما يحكم له به ليستوعب جميع الصور . ا هـ . فقد ظهر لك من كلامه معنى قوله أو بأنه حكم له به ، وأن شراء الزوجة وما بعده مثالان لذلك ، وكذا المثال الذي زاده ، فالفسخ في الأول ورد العتق في الثاني وسقوط الحد في الثالث ليست بمال ولا تؤول إليه ، لكن حكم لها بحكم المال وهو ظاهر ، وهو نحو قوله في توضيحه في شرح ابن الحاجب .

وأما الشهادة على شراء الزوجة والشهادة على أداء نجوم الكتابة فتثبت وإن ترتب عليه الفسخ والعتق فصلها بأما ; لأنه ليس بمال محض ، بل مركب من مال وغيره فيثبت البيع في المسألة الأولى وهو مال بالشاهد واليمين ، ويترتب عليه الفسخ وهو ليس بمال ، وإنما حكمنا بذلك ; لأنا لو لم نحكم به لأدى إلى أحد أمرين كلاهما باطل ، إما رد شهادة بشاهد وإما إبقاء الزوجة في عصمة مالكها ، وكذا المثال الثاني يثبت فيه أداء النجوم بشاهد ويمين وإن ترتب عليه العتق . ا هـ . فقد ظهر لك صحة قول الشارح ، وأن قول البساطي لا أدري إلخ فيه نظر وأما تقرير البساطي ونحوه لغ فهو خلاف قول ابن الحاجب ، وأما الشهادة بالقضاء بمال فالمشهور لا تمضي وله استحلاف المطلوب ، وأقره في توضيحه ، وعزا ما شهره ابن الحاجب لابن القاسم ، ولم يعرج على تعقب ابن عبد السلام له ، وهذا يدل على أنه أراد في مختصره ما قاله الشارح ، ونقل بعضهم عن ابن رشد [ ص: 453 ] ما قرر به البساطي ، وتقدم أن هذه غير الإنهاء كما قال البساطي ، وأنه لا معارضة بينهما . البناني لكن تقرير الشارح مبني على أن المشهود به في ذلك هو البيع ، وهو مال ويؤدي إلى ما ليس بمال وهو الفسخ مثلا ، فلا يصح استدلال طفى بكلام التوضيح على كلام الشارح ، لكن تقرير التوضيح لا تتنزل عليه عبارة المصنف على أن تقرير ابن غازي ومن تبعه أتم فائدة ، والله أعلم .

( و ) ك ( تقدم دين ) محيط بمال المعتق ( عتقا ) فيثبت بذلك ، ويرد العتق يعني أن من أعتق رقيقا وظهر عليه دين محيط به وادعى غرماؤه أن تداينه قبل عتقه وأقاموا عليه شاهدا وامرأتين أو أحدهما ، وحلفوا معه يمينا فإنه يثبت بذلك ويرد العتق ويؤخذ الرقيق في الدين ( و ) ك ( قصاص ) من جان ( في جرح ) عمد فيثبت بعدل وامرأتين أو أحدهما مع يمين المدعي ، وهذه إحدى المستحسنات . فيها من أقام شاهدا على جرح عمدا فليحلف ويقتصف ، فإن نكل قيل للجارح احلف وابرأ ، فإن نكل حبس حتى يحلف ، ثم قال قيل لابن القاسم لم قال مالك " رضي الله عنه " ذلك في جراح العمد وليست بمال ، فقال كلمت مالكا في ذلك فقال إنه لشيء استحسنته وما سمعت فيه شيئا ، وفيها أيضا كل جرح فيه قصاص فإنه يقتص فيه بشاهد ويمين ، وكل جرح لا قصاص فيه مما هو متلف كالجائفة والآمة فالشاهد فيه واليمين جائز ; لأن العمد والخطأ فيه إنما هو مال . " غ " قوله أو قصاص في جرح معطوف على شراء زوجة وكأنه في معرض الاستثناء من قوله ولما ليس بمال ولا آيل له عدلان . البناني أطلق المصنف وغيره قبول الشاهد مع اليمين في المال وما يؤول إليه وما ألحق بهما . وقال ابن سهل من صح نظره في أموال الناس لم تطب نفسه أن يقضي إلا بالشاهد المبرز في العدالة . ا هـ . ونحوه في التبصرة . وفي المعيار سئل ابن لب عن الحكم بالشاهد واليمين فأجاب القضاء بالشاهد مع اليمين مختلف فيه بين أهل العلم ، وقد منعه الحنفية وأجازه المالكية ، لكن قال محمد بن عبد الحكم إنما ذلك في الشاهد العدل البين العدالة ، وحمل على التفسير للمذهب ، وقد كان القاضي أبو بكر [ ص: 454 ] منا لا يحكم به إلا مع شاهد مبرز ولا يأخذ به مع غيره ، وأما إن ظهرت ريبة في القضية وكان الأخذ بذلك مؤديا إلى فسخ عقد ثابت الصحة فلا وجه للأخذ بذلك حينئذ . ا هـ . لكن قال الشيخ ابن رحال في حاشية التحفة ظاهر كلام جمهور المالكية أن ما قاله ابن عبد الحكم مخالف للمذهب لا تفسير ، ولم أقف على من قيد كلام أهل المذهب المدونة وغيرها بما قاله ابن عبد الحكم ، وقد يتعذر الإتيان بالمبرز ، انظر كلامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية