صفحة جزء
[ ص: 76 ] لا بدخول الحرم


( لا ) يؤخر من وجب عليه قصاص أو حد ( ب ) سبب ( دخول الحرم ) المكي أو المدني ، ظاهره ولو أحرم بحج أو عمرة فلا يؤخر لتمامه سمع القرينان تقام الحدود في الحرم فيقتل قاتل النفس في الحرم . ابن رشد ، سمع أبو زيد ابن القاسم مثله ولا خلاف فيه بين فقهاء الأمصار ، وروي عن ابن عباس رضي الله عنه من أصاب الحد في الحرم أقيم عليه فيه ، وإن أصابه في غيره ثم لجأ إليه فلا يكلم ولا يجالس ولا يؤوى حتى يخرج منه فيقام عليه الحد . وقيل إذا لجأ إليه أخرج منه فأقيم عليه . ابن عرفة ما عزاه لفقهاء الأمصار خلاف نقل ابن القصار وعبد الوهاب وغيرهما . ابن القصار أبو حنيفة إن قتل في الحرم قتل فيه ، وإن قتل في الحل ثم لجأ إلى الحرم فلا يقتل ولا يخرج منه ويهجر ولا يبايع ولا يؤوى حتى يضطر إلى الخروج فيقتل ووافقنا في الضرب .

عياض في الإكمال في شرح قوله صلى الله عليه وسلم { خمس فواسق لا جناح على من قتلهن في الحرم } ما نصه قاس مالك والشافعي رضي الله تعالى عنهما على قتلها في الحرم إقامة الحد فيه ، سواء حصل السبب فيه أو خارجه ولجأ إليه . وقال الحنفية رضي الله تعالى عنهم يقام من الحدود ما دون النفس وحد النفس إذا جنى عليها فيه وإن قتلها خارجه فلا يقام فيه ويضيق عليه بأن لا يكلم ولا يجالس ويهجر ولا يبايع ولا يؤوى حتى يضطر إلى الخروج فيقتل خارجه ونحوه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وعطاء إلا أنهما لم يفرقا بين نفس وغيرها محتجين بقوله تعالى { ومن دخله كان آمنا } ، والحجة به عليهم ، إذ من ضيق عليه [ ص: 77 ] هذا التضييق ليس بآمن والآية محمولة عندنا على من كان قبل الإسلام وعطفها على ما قبلها من الآيات ، وقيل من النار ، وقيل منسوخة بقوله تعالى { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } ، وعن ابن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهم لا يقام عليه ولا يضيق عليه . وقيل الآية في البيت لا في الحرم ، وقد اتفق على أنه لا يقام في المسجد ولا في البيت ، ويخرج منهما فيقام عليه خارجه لأن المسجد ينزه عن مثل هذا .

وذكر الأبي في حديث { من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله } . . الحديث ما نصه ، الحديث يدل باعتبار المعنى على أنه لا يحل إيواء المحدث ، وهذا مما ينفي كثيرا من هروب الظلمة والجناة إلى الزوايا . وكان ابن عرفة لا يحل إيواءهم إلا أن يعلم أنه يتجاوز فيهم ما يستحقون . سيدي عبد الرحمن الفاسي ما يظهر من أمور خارجة عما ذكر من ظهور برهان لمن تعدى على زاوية أو روضة أمر خارج عن الفتوى ، وغيرة الله تعالى على أوليائه لا تحد بقياس ولا تضبط بميزان شرعي ولا قانون عادي ، فإن الموازين الشرعية كليات وعمومات ، وقد يكون مراد الحق تبارك وتعالى في خصوص نازلة خلاف ما تقتضيه العمومات ، ولذا احتاج الخواص إلى إذن خاص في كل نازلة ، واعتبر بتكرير قوله تعالى { بإذني } ، فيما أخبر به عن عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى وغير ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية