صفحة جزء
: كجرحه [ ص: 92 ] بثلاثين حقة ، وثلاثين جذعة وأربعين خلفة : بلا حد سن


وشبه في التغليظ فقال ( كجرحه ) أي الأب ولده عمدا فتغلظ عليه ديته بحسبه كما غلظت دية النفس ، وهذا قول مالك في المدونة . وقال طفي كجرحه أي العمد الموجب [ ص: 92 ] للتربيع أو التثليث في النفس يوجبه في الجرح أيضا . ابن عرفة ابن رشد حكم تغليظ الجرح في الديتين المربعة والمثلثة حكم الدية كاملة . ا هـ . فليس الضمير في جرحه للأب لقصوره ، ولولا أنه ينسج على منوال ابن الحاجب القائل وتغلظ أيضا في الجراح على الأصح ، وأنه موضوع الخلاف لأمكن حمل قوله ، كجرحه على معنى كجرح ما ذكر من موجب التخميس والتربيع والتثليث ، إذ الجرح تابع للدية في جميع ذلك ، ففيها إن قطع رجل أصبع رجل خطأ كان في ماله ابنتا مخاض وابنتا لبون وحقتان وجذعتان ا هـ .

وفي كتاب ابن مزين قلت لعيسى من أصيبت أنملته قال يأتي بخمس من الإبل واحد من كل سن ، فيكون شريكا فيها للمجروح ثلثا كل بعير ، وللجارح ثلث كل بعير منها وأنملتان يأتي بعشر كذلك يكون للمجروح ثلثا كل بعير ، وإن قطعت أصبع عمدا وصالح على دية مبهمة يأتي بثمانية أبعرة من واجب أسنان العمد الأربعة من كل سن بعير أن تكون للمجني عليه ، ثم يأتي بأربعة أبعرة من كل سن واحد فيكون شريكا فيها وبالنصف . وإن كان الواجب بعيرا كما في مسائل الحكومة ففي المربعة يأتي بأربعة من كل سن واحدة يكون للمجني عليه الربع من كل ، وفي المثلثة يأتي بثلاثة من كل سن من أسنانها واحدة يكون له ثلاثة أعشار حقة وثلاثة أعشار جذعة وأربعة أعشار خلفة ، وقس على ذلك .

ويكون التثليث ( بثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة ) بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام أي حوامل في أول الحمل أو وسطه أو آخره ( بلا حد ) أي تحديد ( بسن ) في الخلفات على المشهور . ابن عرفة فيها مع غيرها منع الأبوة والأمومة إيجاب ضرب الولد فمات منه القصاص من أبيه أو أمه ، وإذا قتل الأب ابنه بحديدة حذفه بها أو بغيرها مما يقاد من غير الوالد فيه درئ عنه القود ، والأم كالأب ، وأب الأب كالأب ، وكذا قطع شيء من أعضائه . وفي سماع ابن القاسم ليس التغليظ في الجراح إلا في الأب .

ابن رشد أراد والأم ، إذ لم يفرق أحد بينهما في هذا . وظاهر قوله لا تغلظ في جد [ ص: 93 ] ولا جدة ، بخلاف قولها تغلظ في الجد ، أراد والجدة من قبل الأم فلا تغلظ على قولها في الجد للأب ولا في الجدة أم أب الأم ولا أم أب الأب ، وهذا قول أشهب . وقال ابن الماجشون تغلظ في الأجداد والجدات كلهم لأب أو لأم ، وهو قول سحنون في نوازله . وعن ابن القاسم مثل قول ابن الماجشون وروي عنه أنه وقف في الجد للأم وكلما ثبت التغليظ انتفى القصاص ، وكلما انتفى ثبت القصاص في العمد الذي يشبه العمد ، وإن لم يعمد القتل لا خلاف أنه لا يقتص من واحد منهم فيما هو من شبه العمد ، كضربه بعصا فيموت به ، أو بسوط فيفقأ عينه وشبه ذلك .

وفيها أضجع ابنه وذبحه أو شق بطنه أو صنعت ذلك والدة بولدها ففيه القود ، وأكثر الأشياخ لم يذكروا في هذا القصاص خلافا . وقال الباجي لو أضجعه فذبحه أو شق بطنه ، وهذا الذي يسميه الفقهاء قتل غيلة ، فقال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه يقتل به . وقال أشهب لا يقتل به بحال وتبعه ابن الحاجب ونقله ابن القصار كذا في عيون المسائل لعبد الوهاب . وقال ابن حارث اتفقوا في الرجل يضجع ابنه فيذبحه ويثبت عليه ذلك ببينة أو إقراره أنه يقتل به ، واختلفوا إذا قال الابن أضجعني أبي وذبحني ومات فقال ابن القاسم يقتل به بعد القسامة سمعه يحيى ، وقال أشهب لا يقتل به في مثل هذا . ثم قال ابن عرفة وفيها يجرح الأب ولده أو يقطع شيئا من أعضائه بحال ما صنع المدلجي ، فإن الدية تغلظ فيه .

الشيخ عن المجموعة تغلظ في الجرح عند مالك رضي الله تعالى عنه ، وإن كان ذكر عنه غير ذلك فالثابت من قوله وما عليه أصحابه التغليظ إلا أن يكون عمدا لا شك فيه . ابن القاسم وأشهب مثل أن يضجعه ويذبحه أو يدخل أصبعه في عينه تعمدا لفقئها . ابن شاس إذا ثبت القصاص فإنما هو إذا كان القائم بالدم غير ولد الأب مثل العصبة قاله في الموازية . ابن الحاجب شرط القصاص على الأجداد أن يكون القائم بالدم غير ولد الأب . قلت عبر عنه في آخر فصل القصاص بقوله يكره قصاص الابن من أبيه وهو نص دياتها [ ص: 94 ] إن كان ولي الدم ولد القاتل فقد كره الإمام مالك رضي الله تعالى عنه القصاص منه ، وقال يكره أن يحلفه في الحق ، فكيف يقتص منه . وفسر ابن عبد السلام الكراهة بالتحريم ، وفيه نظر لقول قذفها استثقل مالك رضي الله تعالى عنه أن يحد لولده . ابن القاسم إن قام بحقه حد له

التالي السابق


الخدمات العلمية